قد عرفت معنى المشتق عند الأُدباء ، وهو
أخذ اللفظ من لفظ آخر ، وأمّا المشتق في لسان الأُصوليين فهو عبارة عمّا يجري على
الذوات باعتبار كونها واجدة للمبدأ واتحادها معه بنحو من الاتحاد.
وبذلك يعلم أنّ النسبة بينهما عموم
وخصوص من وجه ، فالأفعال قاطبة ماضيها ومستقبلها وأمرها ، وإن كانت مشتقة عند
الأُدباء لكنّها خارجة عن تعريف المشتق عند الأُصوليين ، لأنّ الأفعال تدلّ على
قيام مبادئها بالذات ، قيام صدور أو حلول أو طلب فعل أو طلب ترك ، ولا تدل على وصف
الذات بها ، ونظير الأفعال المصادر المجرّدة والمزيدة لعدم جريها كالأفعال على
الذوات بنحو الهوهوية ، بل هي تدل على نفس المبادئ.
كما أنّ بعض الجوامد الذي يجري على
الذوات ، وينتزع منه باعتبار اتحاده بالمبدأ كالزوج والرق والحرّ ، داخل في تعريف
المشتق عند الأُصوليين وخارج عن تعريف المشتق عند الأُدباء.
وأمّا الاجتماع فيصدقان جميعاً على
أسماء الفاعلين والمفعولين وأسماء الزمان والمكان ، وأسماء الآلة والصفات المشبهة
وصيغ المبالغة ، لوجود الملاك في الجميع وهو : انتزاعها من الذات وحملها عليه.
وبالجملة
: الميزان وجود ذات ومبدأ قائم بها ، من غير فرق بين القيام الصدوري والحلولي ، أو
كون المبدأ فعلاً ، أو حرفة ، أو ملكة ، كما لا فرق بين النسب ، أي النسبة القائمة
بين الصفات والذات ، سواء أكانت النسبة ثبوتية ، أو تجددية ، أو وقوعاً عليه ، أو
وقوعاً فيه ، أووقوعاً به ، أو غير ذلك ممّا يجده الإنسان في أسماء الفاعل
والمفعول والزمان والمكان والآلة والصفة.