الحقائق ليدونها التاريخ ويلم بها أبناء الامّة في الحاضر والمستقبل موضوع
آخر، بحيث لايتضمن الأمر أية منافاة فحسب، بل هو من أوجب الواجبات، وما القضايا
المتعلقة بالخلافة إلّانموذج حي من هذه النماذج. ففي الحقيقة والواقع أنّ مصالح
المجتمع الإسلامي والاجيال الإسلامية القادمة هى التي تحتم تبيين هذه الحقائق كي
لا تودع بوتقة النسيان.
تفيد هذه العبارة بوضوح أنّ رد فعل الإمام عليه السلام حيال تلك الحادثة لم
يكن يتضمن الاستعداد والتاهب لخوض الصراع والاشتباك مع الآخرين، بل تجاهل بكل
بسالة وزهد ذلك الأمر لاسباب سنتطرق إلى ذكرها.
ولكن من جانب آخر فان بعض الأفكار كانت تمارس ضغطها عليه لتجعله يتساءل: ما
الذي ينبغي فعله تجاه هذا الانحراف الخطير وكيف ينهض بمسئوليته التاريخية بالنسبة
لهذا الأمر؟ ومن هنا أردف قائلًا:
«وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء [3]، أو أصبر
على
فالأمام عليه السلام يكشف في هذه العبارة عن حقيقة وهى: أنني لم أنس طرفة عين
مسئوليتي تجاه الامّة والوظيفة التي وضعها الله ورسوله صلى الله عليه و آله على
عاتقي، ولكن ليت شعري ما أنا فاعل وهناك محذوران: المحذور الأول: هل أنهض بالأمر
وأخوض الصراع مع الغاصبين، والحال لا أملك العدّة والعدد من جانب، ومن جانب آخر
فان من شأن هذه النهضة أن تشق عصا المسلمين وتفرق صفوفهم وتثلج صدور الأعداء
والمنافقين الذين يتربصون بالمسلمين مثل هذه الفرصة ليجهزوا على الإسلام.
المحذور الثانى: أنّ ألتزم الصبر والصمت حيال هذه الحادثة في ظل هذه الأجواء
الدامسة الظلام. والتعبير بالطخية العمياء ينطوي على روعة في الدقة والبيان
فالطخية تعني الظلام،
[1] «سدلت» من مادة «سدل» على وزن عدل
بمعنى نزول الشيء من الأعلى إلى الأسفل بحيث يغطى، وعليه فان مفهوم سدلت هنا
تركتها وارخيت عليها شيئا.
[2] «كشح» على وزن فتح بمعنى الضلع و
«طوى عنه كشحه» كناية عن عدم الاهتمام بشيء والانصراف عنه.