سنرى في الأبحاث القادمة أنّ الإيمان بأي من أصول الدين إنّما هو إيمان أجوف
مالم يستند إلى التوحيد، كما أنّ الصالحات بأجمعها إنّما تستقى من حقيقة التوحيد،
ومن هنا كان مرضاة للَّه ومدحرة للشيطان، لأنّ الوسيلة المهمّة الهدامة للشيطان
إنّما تتمثل بالشرك سواء كان جلياً واضحاً أم مخفياً مستتراً.
ذهب بعض شرّاح نهج البلاغة إلى أنّ المراد بفاتحة الاحسان هو الأجر والثواب
الإلهي الذيالتوحيد مفتاحه، غير أن التفسير الذي ذكرناه يبدو أكثر صحة من هذا.
وما أن يفرغ الإمام عليه السلام من هذه الشهادة الخالصة الحقة حتى يردفها بمتممتها
التي تتمثل بالشهادة بالنبوة:
«وأشهد أن محمداً عبده ورسوله»
. نعم فهو عبد اللَّه قبل أن يكون رسوله، فليس من مجال لبلوغ مقام النبوة دون
العبودية، وفي هذا رد على أولئك الذين قد يبالغون في مقام الرسول ليبلغوا درجة
الإلوهية. آنذاك يصف رسالة ووظيفة النبي فيقول:
. والواقع هنالك عدّة تفاسير بشأن هذه العبارات الست العميقة المعاني والامور
التي تشير اليها. منها أنّ المراد بالدين المشهور هو الإسلام الحنيف والعلم
المأثور المعجزات والكتاب المسطور القرآن الكريم والنور الساطع علوم النبي صلى
الله عليه و آله والضياء اللامع سنته صلى الله عليه و آله والأمر الصادع- بقرينة
الآية الشريفة 94 من سورة الحجر
- ترك التقية واظهار التوحيد في مقابل المشركين والكافرين. كما يحتمل أن يكون
المراد بالضياء اللامع والنور الساطع تبيين القرآن الكريم، فالقرآن مصدر اشعاع
أفكار المجتمعات الإنسانية. ثم يخوض الإمام عليه السلام في الهدف النهائي لرسالة
النبي صلى الله عليه و آله والقرآن والمعجزات والقوانين والأحكام الشرعية، فيوضح
أهداف النبي صلى الله عليه و آله في ثلاث محاور: ازالة
[1] «المأثور» من مادة «أثر» بمعنى
العلامة الباقية من الشيء ولذلك يطلق على العلوم المتبقية من الماضين «علم
المأثور».
[2] «الساطع» من مادة «سطوع» بمعنى
الانتشار، فالنور الساطع هو النور الواسع المنتشر كما ورد بمعنى المرتفع.
[3] «صادع» من مادة «صدع» بمعنى الشق
في الجسم الصلب والمحكم ثم أطلق على كل شيء قاطع.