و اما الروايات الواردة في هذه القاعدة فهي مختلفة: أكثرها مطلقة خالية عن تعيين
كيفية خاصة للاقتراع و هي دليل على إيكال الأمر الى ما كان متداولا بين العقلاء و
أهل العرف، و إمضاء طريقتهم في ذلك.
و لكن ورد في غير واحد منها طرق خاصة للقرعة من دون نص على حصرها فيه (على
الظاهر).
منها- الاقتراع بالسهام كما في الرواية الحادية عشرة من الروايات الخاصة التي
ذكرناها عند بيان مدركها من السنة، الواردة في باب ميراث الخنثى قال: يكتب على سهم
عبد اللّه و على سهم امة اللّه، الى ان قال ثمَّ تطرح السهام (السهمان) في سهام
مبهمة ثمَّ تجال السهام، على ما خرج ورث عليه [1].
و قد ورد في غيرها التعبير بالسهم أيضا، و كانّ هذا النحو كان أكثر تداولا في
تلك الأيام.
و منها- الاقتراع بالخواتيم كما ورد في أبواب قضايا أمير المؤمنين عليه
السّلام في قضية شاب خرج أبوه مع جماعة في سفر فرجعوا و لم يرجع أبوه، و شهدوا
جميعا بموته، و لم يقبل الشاب ذلك فشكى الى أمير المؤمنين عليه السّلام فقضى بينهم
بطريق بديع عجيب اثبت فيه كذبهم؛ فاعترفوا بقتلهم إياه، و في ذيله ان الفتى و
القوم اختلفوا في مال المقتول كم كان فأخذ أمير- المؤمنين عليه السّلام خاتمه و
جميع خواتيم من عنده ثمَّ قال: أجيلوا بهذه السهام فأيكم أخرج خاتمي فهو صادق في
دعواه لأنه سهم اللّه و سهم اللّه لا يخيب.
و يظهر منه إطلاق السهم على الخواتيم و كل ما يعين به حق أحد طرفي الدعوى.
هذا و لكن هل يمكن الاعتماد على الحكم المذكور فيها من حيث ان المدعى لزيادة
المال مدع، و المدعى للنقصان منكر، فلا بد من اجراء القواعد المعهودة في باب
القضاء للمدعي و المنكر، أو لا بد من العمل بهذا الحكم في خصوص مورده، أو ان مثل
هذا النحو