و هو انه «حين يتوضأ اذكر منه حين يشك» لان احتمال الغفلة أمر مرجوح بالنسبة
إلى المشتغل بالعمل حينه، كان قضيتها صحة العمل و عدم الاعتناء بالشك، فالصغرى تسد
احتمال الغفلة، و الكبرى تسد احتمال العمد في فعل ما هو مخل بغرضه.
و كذلك قوله في رواية محمد بن مسلم: «و كان حين انصرف أقرب الى الحق منه بعد
ذلك» [1] هذا كله
مضافا الى ما في هذا الأصل من رفع الحرج عن الناس الذي هو الملاك في كثير من الطرق
و الأصول العقلائية. و ببالي ان صاحب الجواهر (قدس سره) تمسك بقاعدة الحرج أيضا في
مسئلة الشك في عدد أشواط الطواف التي مضى ذكرها آنفا، و كأنه (قدس سره) أيضا ناظر
الى هذا المعنى، لان مسئلة الشك في عدد أشواط الطواف لا خصوصية لها من هذه الجهة.
و ان قال قائل: كيف يكون الذكر هو الأصل في حال الفاعل مع انا كثيرا ما نغفل
عن تفاصيل أعمالنا و هل يوجد بين الناس من يكون حاضر القلب، ذاكرا لجميع أفعال
صلوته و سائر عباداته دائما، اللهم إلا الأوحدي منهم. فالغفلة عن تفاصيل الفعل و
اجزائه و شرائطه حين العمل لعلها الغالب، من غير فرق بين الصلاة و الصيام و
الطهارات و الحج.
بل يظهر من غير واحد من الروايات الواردة في باب حضور القلب في الصلاة و أبواب
الشكوك ان الأمر كان على هذا الحال عند كثير من أصحاب الأئمة و كانوا يشكون عندهم
عليه السّلام عن انصراف قلوبهم عن تفاصيل العمل (أو عن اللّه) في صلواتهم أو
غيرها.
قلنا- هذه الغفلات ليست غفلة محضا بل هي مشوبة بنوع من الذكر الإجمالي و ذلك
لان الإنسان إذا كان بصدد إتيان شيء من المركبات الخارجية، و لم يعهد به من قبل،
كمن يصلى لأول مرة، فلا مناص له من الذكر الكامل و العلم التفصيلي عند الإتيان بكل
جزء