الاصنام، و تسيطر عليه حالة من الخرافات و الاباطيل، كيف يمكن له أنْ يدعو الى
التوحيد الخالص، و أنْ يبادر الى مواجهة مظاهر الشرك كلها؟ كيف يمكن أنْ يصدر عن
محيط جاهل أعلى التّجليات العلمية التي لا تصدقها الابصار؟
أ يمكن أنْ نصدق أن ظاهرة عجيبة كهذه يمكن أن تظهر الى الوجود بغير أنْ تكون
مؤيدة من اللَّه و من ما وراء الطبيعة؟
3- علينا أنْ نعرف العصر الذي ظهر فيه النّبي صلى
الله عليه و آله. إنه عصر القرون الوسطى، عصر الاستبداد و التمييز العنصرى و
الامتيازات الظالمة، عصر العنصرية و الطبقية. تعال نستمع الى وصف ذاك العصر عن
لسان علي بن أبي طالب عليه السلام، اذ يقول:
«بعثه والنّاس ضلّال في حيرة، وحاطبون
في فتنة، قد استهوتهم الاهواء، واستنزلتهم الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء،
حيار في زلزال من الامر، وبلاء من الجهل ...». [1]
فتصور ديناً شعاره المساواة بين الناس و القضاء على التبعيض العرقي و الطبقي: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ كيف ينسجم مع مثل ذلك العصر؟
4- محتوى الدعوة التوحيد من جميع الجهات، و الغاء
الامتيازات الظالمة، و توحيد عالم الانسانية، و مكافحة الظلم و الجور، و اقامة
حكومة عالمية، و الدفاع عن المستضعفين، و اعتبار التقوى و الطهارة و الامانة من
أهم معايير القيم الانسانية.