نصحوه بترك هذه المواد السامة التي تضر بمعدته و تضعف قلبه و تحطم أعصابه، لم
يجدوا عنده أذنا صاغية، بل يستمر في الاستمتاع الموهوم بهذه المواد القاتلة حتى
تظهر عليه آثار قرحة المعدة و انهيار الاعصاب و أمراض القلب. و يبقى بعد ذلك طوال
عمره يعاني الآلام من تلك الامراض و يئن منها ليلًا و نهاراً.
فهل يمكن أنْ نعترض هنا فنقول إنَّ هذا الشخص الذي لم يذنب سوى بضعة أسابيع أو
أشهر، كيف يظل يعاني بقية عمره و لسنوات عديدة من تلك الآلام و يتحمل كل ذلك
العذاب؟ لا شك إنَّ الجواب سيكون فوراً: تلك هي نتائج أعماله، أو حتى لو أُعطى عمر
نوح أو أكثر و عاش آلاف السنين. فانك كلما رأيته يتألم من تلك الامراض قلت: هذا العذاب
هو الذي أنزله بنفسه بمحض إرادته و كامل وعيه.
إذن «أكثر» عقوبات يوم القيامة من هذا القبيل و عليه فلا يبقى أي مجال
للاعتراض على عدالة اللَّه.
ب) من الخطأ أنْ يظن بعضهم أن مدّة العقاب يجب
أنْ تتناسب مع مدّة الذنب. لأنَّ العلاقة بين الذّنب و عقابه ليست علاقة زمنية. بل
تتعلق بكيفية الذنب و نتائجه.
فقد يقتل شخص رجلًا بريئاً في لحظة واحدة، فيحكم عليه بالسجن المؤبد حسب
قوانين بعض البلدان. فهنا نلاحظ أنَّ زمن الذنب لم يتجاوز بضع لحظات، بينما العقاب
يمتد عشرات السنين، و مع ذلك لا يعترض أحد على ذلك بأنَّه ظلم، و ذلك لأنَّ القضية
هنا ليست قضية دقائق و ساعات و أشهر و سنوات، بل هي قضية كيفية الجرم و نتائجه.