حفظ النظام، فإن حفظ النظام واجب قطعاً و يمكن الاستدلال عليه بالأدلّة
الأربعة، بل العلّة في تشريع كثير من الأحكام لا سيّما الحدود و التعزيرات هو هذا،
فيجب ما يكون مقدّمة له.
و لعلّ تحريم التنباك في القضية المشهورة عن السيّد الأكبر الميرزا الشيرازي
من هذا القبيل، لأن استعماله كان سبباً لمزيد اشترائه، و هو بدوره كان سبباً
لازدياد قوّة الدول الاستعمارية و استضعاف المسلمين و سلطة الأجانب عليهم (و قد
يكون مصداقاً لعنوان آخر و هو الإعانة على الحرام) و كذلك الكذب إذا كان مقدّمة
لإصلاح ذات البين، أو الغيبة مقدّمة لنصح المسستشير، و جميع هذه إنّما تجب أو تحرم
بعنوان ثانوي و هو عنوان المقدمية.
و من هذا القبيل أيضاً أخذ بعض الأموال من الناس زيادة على الحقوق الواجبة
المعروفة مقدّمة لابتياع السلاح و ما يكون إعدادُه في مقابل الأعداء في بعض الظروف
الخاصّة.
6- قاعدة الأهم و المهم عند التزاحم
- و يدلّ عليها «العقل» و «الشرع» بل يمكن إقامة الأدلّة الأربعة عليها كما لا
يخفى على الخبير، كالمثال المعروف الدارج بينهم من الدخول في الأرض المغصوبة
لإنجاء الغريق، و كالأكل في المخمصة لحفظ النفس، فإن الحكم الأولي و إن كان يقتضي
عدم جواز التصرّف في أموال الناس، و لكن مزاحمة الواجب الأهم و هو حفظ النفس
المحترمة تقتضي جوازه بل وجوبه بعنوان ثانوي.
بل و يمكن إرجاع مسألة مستثنيات الكذب و الغيبة إليها، و كذا قاعدة الضرورة و
الاضطرار و كذا الضرر و الضرار، و هكذا مسألة التقية (سواء الخوفي و التحبيبي
منها) ففي جميع هذه الموارد يدور الأمر بين مصلحتين، و يقع التزاحم بين ملاكين
فيؤخذ بالأقوى منهما، و بهذا البيان يمكن إرجاع كثير من العناوين الثّانوية إلى