و سند الرواية و إن كان قابلًا للكلام و لكنّها مجبورة بعمل الأصحاب، و بما
عرفت من سائر الأدلّة، و دلالتها ظاهرة بعد كون من إليه الحكم هو الفقيه الجامع
للشرائط قطعاً.
الخامس: أن إجراء الحدود يلازم القضاء في كثير من مواردها
، لأنها قد تكون من حقوق الناس كحدّ القذف و السرقة، و ما يكون من حقوق الله
كحدّ الزنا و شبهه قد يحتاج إلى إثباته عند القاضي، و من البعيد جدّاً أن يطالب من
القاضي إثبات الحقّ دون إجرائه، لأن الأوّل مقدّمة للثّاني، و لا فائدة في
المقدّمة بدون ذيها.
و يؤيده أيضاً ما ذكره المفيد (قدس سره) و هو في حكم رواية مرسلة، قال في
المقنعة: فأما إقامة الحدود فهو إلى سلطان الإسلام المنصوب من قبل الله و هم أئمّة
الهدى من آل محمّد (صلى الله عليه و آله) و من نصبوه لذلك من الأمراء و الحكّام
(الحديث) [1].
و لكنّ مع ذلك كلّه قد يعارض ما ذكر بما رواه مرسلًا في دعائم الإسلام عن
الصادق (عليه السلام) قال
لا يصلح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة إلّا بإمام
[2] بناءً على أن المراد بالإمام، فيه، هو الإمام المعصوم (عليه السلام) و يرد
عليه تارة بضعف سنده بالإرسال (و أما روايته عن الأشعثيات فهو غير ثابت، مضافاً
إلى أن الإشكال فيه أكثر، لعدم ثبوت اعتبار نفس الكتاب) و أخرى بضعف دلالته لأن
المراد من الإمام، فيه، يمكن أن يكون معنىً عاماً يشمل الفقيه، كما يشهد له ذكره
بصورة النكرة، و يؤيده ذكر الحكم أي القضاء فيه، بل و صلاة الجمعة مع العلم بأن القضاء
و الحكم لا ينحصر في الإمام المعصوم (عليه السلام) بل و صلاة الجمعة أيضاً، سلّمنا
لكن أدلّة الولاية تدلّ على قيام الفقيه مقام
[1] الوسائل: ج 18 ب 28 من أبواب
مقدّمات الحدود ح 2.