في ولاية القضاء إذن الإمام (عليه السلام) أو مَن فوض إليه الإمام (عليه
السلام) و قد جعلوه لكلّ مجتهد عادل في عصر الغيبة كما يدلّ عليه ما مرّ آنفاً.
نعم لا يشترط ذلك في قاضي التحكيم، و هو من تراضى الخصمان بالترافع إليه و
الحكم بينهما، فإن المشهور بل ادعى الإجماع عليه أنه لا يشترط فيه النصب من قبل
الإمام (عليه السلام) و الكلام فيه سيأتي في محلّه.
المنصب الثّالث: الولاية
أعني ولاية الفقيه على التصرّف بأنواع التصرّفات، و هي في الجملة ممّا لا ريب
فيه و لا شبهة تعتريه، إنّما الكلام في حدودها، و شروطها، ذكر المحقّق النائيني
(قدس سره) في منية الطالب أن للولاية مراتب ثلاثة:
إحداها و هي المرتبة العليا مختصة بالنبي و أوصيائه الطاهرين (صلوات الله
عليهم أجمعين) و غير قابلة للتفويض إلى أحد، و اثنان منها قابلتان للتفويض. أمّا
غير القابلة فهي كونهم (عليهم السلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم بمقتضى الآية
الشريفة (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ
مِنْ أَنْفُسِهِمْ)، و هذه المرتبة غير قابلة
للسرقة و لا يمكن أن يتقمصها من لا يليق بها.
و أمّا القابلة للتفويض فقسم منها يرجع إلى الأمور السياسيّة التي ترجع إلى
نظم البلاد و انتظام أمور العباد و سدّ الثغور و الدفاع عنها و الجهاد ضد الأعداء
و نحو ذلك، ممّا يرجع إلى وظيفة الولاة و الأمراء، و قسم يرجع إلى الإفتاء و
القضاء و. (انتهى محلّ الحاجة) [1].