لهم ذلك على الثاني؛ لأنّ صاحب المال لا يرى لنفسه حقّاً يطالب به.
إن قلت: كثيراً ما يكون هذا الربح داعياً إلى الإيداع في البنوك، و هذا و إن
لم يكن شرطاً صريحاً في عقد افتتاح الحساب الجاري لكنّه شرط ضمني قد بني عليه
العقد، فكأنّ البنك بعد إعلانه عن إعطاء الأرباح قد ألزم نفسه بالدفع لأرباب
الأموال، و لو لا هذا الداعي لم يودعوا أموالهم، فيكون هذا قرضاً ربوياً.
قلنا: إنّ مجرّد الداعي لا يضرّ بصحّة الإيداع و أخذ الأرباح إن لم يكن العقد
مبنيّاً على الاشتراط؛ إذ لا يرى المقرض- صاحب المال في القرض- نفسه دائناً
بالنسبة إلى الزيادة، و لا المستقرض يرى نفسه مديناً بالنسبة إليها، كمن يعلم أنّ
المستقرض يعمل بما هو المستحبّ من دفع مزيد شيء على القرض عند ردّه.
ثانياً: حساب القرض الحسن:
و هو مشترك في الحقيقة مع القرض، و لا إشكال في صحّته؛ لأنّه أمر مرغوب فيه
عقلًا و شرعاً؛ لعدم تعلّق ربح فيه، غاية الأمر يكون البنك وكيلًا من قبل صاحب
الأموال في التصرّف بنحو خاصّ، كصرفه في إقراض أرباب الحاجات، دون صرفه في سائر
المعاملات كالمضاربة و غيرها.
ثالثاً: حساب الادّخار أو الذخيرة:
و لا فرق بينه و بين الحساب الجاري من جهة كونه تمليكاً بالعوض في الذمّة، بل
الفرق بينهما من جهة عدم تصرّف صاحب المال في هذا الحساب لمدّة طويلة نسبياً- و هو
معنى الادّخار- بخلافه في الحساب الجاري. و هذا الحساب بهذا المقدار لا إشكال في
جوازه شرعاً.
إنّما الكلام فيما يجعله البنك لهذا النوع من الحساب من الجوائز و العطايا
التي تخرج