ألسنة اللائمين، و ذلك لأنهم بدفعهم الدّية يمنعون أولياء دم المقتول من توجيه
اللوم و الشماتة لهم [1].
4- النّظرية الرّابعة مأخوذة من كلمات بعض الفقهاء و اللغويين و هي أنّ رجلا
في الجاهلية، لو قتل آخر، دافعت قبيلة القاتل عنه، و منعت قبيلة المقتول من
الانتقام، بلا فرق في أن يكون القاتل ظالماً متعمداً أو كان قتله خطأً و صدفة.
و عند ما جاء الإسلام، ألغى مثل هذا التعصّب الجائر [2]، و أعلن أنّ حماية القبيلة لأفرادها حسن، و
لكن ليس مطلقاً، و إنما يحق لهم حماية القاتل فيما لو كان القتل خطأً محضاً، و ذلك
عن طريق دفع دية المقتول.
و عليه، سميت العاقلة عاقلة لأنّها تمنع قبيلة المقتول من الانتقام الجائر.
و ينبغي الالتفات إلى هذه النّكتة، و هي أنّه في بحث التسمية و بيان عللها، لا
يشترط أن يكون هناك ارتباط تامّ بينهما كالارتباط الحاصل بين العلّة و المعلول، أي
ارتباطاً حقيقيا تكوينياً، بل يكفي أن يكون الارتباط معقولا. (تأملوا جيداً).
4- هل يمكن الوقوف على فلسفة الأحكام؟
إنّ علم الإنسان محدود، و يشهد له قوله تعالى (وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)[3].
[1] أشار الشّهيد الثّاني (قدس سره)،
في شرح اللمعة: ج 2 ص 420 إلى هذا الرأي أيضاً.
[2] لقد أقرّ الإسلام كثير من الطقوس
و العادات الجارية في الجاهلية بعد تهذيبها و إصلاحها، فمثلا كان العرب يعتقدون
بشؤم المرأة، فاستفاد الإسلام من هذا الاعتقاد و قال: أنّ شؤم المرأة إنما هو لأجل
مهرها العالي، أمّا لو كان مهرها قليلا فإنّها مصدر للبركة و الخير و ليس الشؤم و
النحس، و بحث العاقلة طبقاً للنظرية الرّابعة من هذا القبيل. راجع الوسائل: ج 15
أبواب المهور، الباب 5.