فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَ ابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ
لَكُمْ.
و هذا الأمر لا يعني طبعا الوجوب، بل هو رخصة بعد المنع، أو هو بتعبير
الأصوليين «الأمر عقيب الخطر»، و يدل على الجواز.
عبارة وَ ابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ إشارة إلى أن الاستفادة من هذه الرخصة الكائنة في مسير
قوانين الخلقة و حفظ النظام و بقاء النسل لا مانع فيها.
ثمّ تبيّن الآية الحكم الثاني و تقول: وَ
كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ
الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ.
للمسلم- إذن- أن يأكل و يشرب في الليل، حتى إذا طلع الفجر يمسك.
و تبين الآية الحكم الثالث: ثُمَّ
أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ.
هذه الجملة تأكيد على حظر الأكل و الشرب و النكاح في أيّام شهر رمضان
للصائمين، و تشير إلى أن الحظر يبدأ من طلوع الفجر و ينتهي عند الليل.
تطرح الآية بعد ذلك الحكم الرّابع و تقول: وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي
الْمَساجِدِ.
هذا الحكم يرتبط بالاعتكاف، و هو شبيه بالاستثناء من الحكم السابق، ففي
الاعتكاف الذي لا تقلّ مدّته عن ثلاثة أيّام، لا يحق للمعتكف الصائم أن يباشر
زوجته لا في الليل و لا في النهار.
في ختام الآية عبارة تشير إلى كل ما ورد فيها من أحكام تقول: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها لأن الاقتراب من الحدود يبعث على الوسوسة، و قد يدفع
الإنسان إلى تجاوز الحدود و الوقوع في الذنب.