أجل فهؤلاء الكفار و المشركين كالحيوانات و الانعام التي لا تسمع من راعيها
الذي يريد لها الخير سوى أصوات مبهمة.
ثم تضيف الآية لمزيد من التأكيد و التوضيح أن هؤلاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ[1].
و لذلك يتمسكون بالتقاليد الخاطئة لآبائهم، و يعرضون عن كل دعوة بنّاءة.
و قيل في تفسير الآية أيضا إن معناها: مثل الذين يدعون أصنامهم و آلهتهم
الكاذبة كالذي يدعو البهائم، لا الحيوانات تفهم النداء و لا تلك الأصنام، لأن هذه
الأصنام صمّاء بكماء عمياء لا تعقل.
أكثر المفسرين على التّفسير الأوّل للآية، و الروايات الإسلامية تؤيده و نحن
على ذلك أيضا.
بحثان
1- سبل المعرفة
يحتاج الإنسان في ارتباطه بالخارج دون شك إلى سبل، تسمّى سبل المعرفة. أهم هذه
السبل العين و الأذن للرؤية و السماع، و اللسان للسؤال.
لذلك، بعد أن تصف الآية هؤلاء بأنهم صم بكم عمي، تستنتج باستعمال فاء التفريع
و تقول: فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ.
من هنا يقرر القرآن أن أساس العلوم العين و الأذن و اللسان، العين و الأذن
للفهم المباشر، و اللسان لإقامة الارتباط بالآخرين و كسب علومهم.
[1]- وفقا لهذا التّفسير فان المعنى
بحاجة إلى تقدير، ففي الأصل: مثل الداعي للذين كفروا إلى الايمان ... و على هذا
تكون جملة «صم بكم عمي فهم لا يعقلون» و صفية لهؤلاء الأشخاص الذين فقدوا جميع
آليات الإدراك عمليا. لا أنهم فقدوا العين و الاذن و اللسان و لكن بما أنهم لم
ينتفعوا بها بالوجه الصحيح، فكأنما قد فقدوها.