و طلبا تفهم طريق العبادة: وَ أَرِنا
مَناسِكَنا، ليعبد اللّه حقّ عبادته.
ثم طلبا التوبة: وَ تُبْ عَلَيْنا
إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.
الآية الأخيرة تضمنت الطلب الخامس، و هو هداية الذرية رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا
عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ
إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
بحثان
1- هدف بعثة الأنبياء
في الآيات أعلاه، بعد أن يطلب إبراهيم و إسماعيل من اللّه ظهور نبي الإسلام،
يذكران ثلاثة أهداف لبعثته:
الأوّل: تلاوة آيات اللّه على النّاس، أي إيقاط الأفكار و الأرواح في ظل
الآيات الإلهية المبشرة و المنذرة.
«يتلو» من تلا، أي اتبع الشيء
بالشيء، و سميت «التلاوة» كذلك لأنها قراءة وفق تتبع و نظم. هي مقدمة لليقظة و
الإعداد و التعليم و التربية.
الثّاني: «تعليم الكتاب و الحكمة» و لا تتحقق التربية إلّا بالتعليم.
و لعل التفاوت بين «الكتاب» و «الحكمة» في أن الكتاب يعني الكتب السماوية، و
الحكمة تعني العلوم و الأسرار و العلل و النتائج الموجودة في الأحكام، و هي التي
يعلمها النّبي أيضا.
الثّالث: «التزكية» و هو الهدف الأخير.
و «التزكية» في اللغة هي الإنماء، و هي التطهير أيضا.
و بذلك يتلخص الهدف النهائي من بعثة الأنبياء في دفع الإنسان على مسيرة
التكامل «العلمي» و «العملي».