علي عليه السّلام: «إنّه ليس لأنفسكم ثمن
إلّا الجنّة فلا تبيعوها إلّا بها» [1].
عبارة «اشتراء النفس» أي بيعها توحي أن الاتجاه نحو طريق الضلال بيع للنفس، و
كأن الكافر يبيع شخصيته الإنسانية، لأن الكفر يهدم قيمة الإنسان من الأساس، و
بعبارة اخرى إنه يكون كالعبيد الذين باعوا أنفسهم فأمسوا اسرى بيد الآخرين ... أجل
إنّهم أسرى الأهواء و عبيد الشيطان.
2- غضب على غضب
القرآن الكريم قال عن بني إسرائيل حين تاهوا في صحراء سيناء بأنّهم وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ بسبب كفرهم بآيات اللّه و قتلهم الأنبياء و في سورة آل عمران الآية 12، ورد
هذا المعنى أيضا و أن اليهود بسبب كفرهم بآيات اللّه و قتلهم الأنبياء باءوا بغضب
من اللّه تعالى. و هذا هو الغضب الاول.
و هؤلاء أحفادهم من اليهود المعاصرين للبعثة المحمّدية ساروا على طريق أسلافهم
في الكفر بالرسالة، و زادوا على ذلك بوقوفهم بوجه الرّسول و تآمرهم على الدعوة و
لذلك قال عنهم «فباء و بغضب على غضب».
و «باءو» بمعنى رجعوا- و أقاموا في المكان- و هنا تعني استحقاقهم لعذاب اللّه.
فكأنهم عادوا و هم محملون بهذا الغضب الإلهي، أو كأنهم اتخذوا موقفا يغضب اللّه.
هؤلاء القوم كانوا يعيشون أمل ظهور النّبي المنقذ، قبل دعوة موسى و قبل دعوة
النّبي الخاتم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و كان موقفهم من الرّسولين الكريمين
واحدا، هو النكول و الإعراض، و استحقوا غضب اللّه و سخطه مرّة بعد اخرى.