قاطبة و بدعوا من أنكرها و صاحوا به من كل جانب و نادوا عليه بالضلال» [1].
و قبل أن ندرس الآثار الاجتماعية و النفسية لمسألة الشفاعة و الاشكاليات
الأربع حول فلسفة الشفاعة، نلقي نظرة على الآثار المعنوية لهذه المسألة في إطار
آراء الموحّدين المؤمنين بالشفاعة، فمثل هذه النظرة تمهّد السبيل لدراستنا القادمة
في حقل الشفاعة و معطياتها الاجتماعية و النفسية. [2] اختلف علماء العقائد المسلمون في كيفية
التأثير المعنوي للشفاعة. فقال جمع يسمون «الوعيدية»، و هم المؤمنون بخلود مرتكبي
الكبائر في جهنم: إن الشفاعة ليس لها أثر على إزالة آثار الذنوب، بل تأثيرها يقتصر
على زيادة الثواب و على التكامل المعنوي.
و «التفضيلية» و هم من يعتقد بعدم خلود مرتكبي الكبائر في جهنم، فيذهبون إلى
أن الشفاعة تشمل المذنبين، و تؤثر في إسقاط العقاب عنهم.
أما «الخواجة نصير الدين الطوسي رحمه اللّه» فيؤيد كلا الأمرين في كتابه
«تجريد الاعتقاد» و يرى وجود كلا الأثرين للشفاعة.
«العلّامة الحلي رحمه اللّه» شرح
عبارة الطوسي في كتابه «كشف المراد» و لم يردّ عليها بل أورد شواهد عليها.
لو أخذنا بنظر الاعتبار ما مرّ بنا بشأن معنى الشفاعة لغويا و مقارنتها
بالشفاعة التكوينيّة، لما ترددنا في صحة ما ذهب إليه المحقق الطوسي.
فمن جهة، ثمة
رواية معروفة عن الإمام الصادق عليه السّلام هي: «ما من أحد من الأوّلين و الآخرين إلّا و هو محتاج إلى شفاعة محمّد صلّى
اللّه عليه و اله و سلّم يوم القيامة» [3].
و استنادا إلى هذه الرواية، يحتاج إلى الشفاعة كل النّاس، حتى التائبون