في هذا الحديث نجد ارتباطا بين «تأديب العالم» و «شفاعته لمن أدّبهم» و هذا
الارتباط يوضّح كثيرا من المسائل المبهمة في بحثنا هذا.
أضف إلى ما سبق أن في اختصاص الشفاعة بالعالم و سلبها من العابد، دلالة اخرى
على أن الشفاعة في المفهوم الإسلامي ليست معاملة و عقدا و تلاعبا بالموازين، بل
مدرسة للتربية، و تجسيد لما مرّ به الفرد من مراحل تربوية في هذا العالم.
6- التّأثير المعنوي للشّفاعة:
ما ذكرناه من روايات بشأن الشفاعة هو غيض من فيض، فالروايات في هذا المجال
كثيرة تبلغ حدّ التواتر، و إنما اخترنا منها ما يتناسب مع بحثنا.
النووي الشافعي [2] في شرحه لصحيح مسلم، نقل عن القاضي عياض- و هو من كبار علماء أهل السنة،- أنّ
أحاديث الشفاعة متواترة [3].
ابن تيمية (المتوفى 728 ه) و محمّد بن عبد الوهّاب (المتوفى 1206 ه)، مع ما
لهما من تعصّب و لجاج في مثل هذه الأمور، يقرّان بتواتر هذه الروايات.
ثمة كتاب دراسي معروف و متداول بين «الوهّابية» هو «فتح المجيد» للشيخ عبد
الرحمن بن حسن، ينقل عن «ابن القيم» ما يلي:
«الرابع: شفاعته في العصاة من أهل
التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم.
و الأحاديث بها متواترة عن النّبي صلّى اللّه عليه و اله و سلّم و قد أجمع
عليها الصحابة و أهل السنة
[1]- الإختصاص، للمفيد، نقلا عن
البحار، ج 3، ص 305.
[2]- هو يحيى بن شرف، من علماء القرن
السابع الهجري، و النووي نسبة إلى مدينة «النوى» قرب دمشق.