بكلّ مرصاد، قلوبهم دويّة [1] و صفاحهم نقيّة. يمشون الخفاء [2]، و يدبّون الضراء وصفهم دواء، و قولهم شفاء،
و فعلهم الدّاء العياء [3]، حسدة الرّخاء [4]، و مؤكّدو البلاء، و مقنطو الرّجاء، لهم بكلّ طريق صريع [5] و إلى كلّ
قلب شفيع، و إلى كلّ شجو دموع [6] يتقارضون الثّناء [7] و يتراقبون الجزاء: إن سألوا الحفوا [8]، و إن عذلوا كشفوا ...».
4- مؤامرة المنافقين:
المنافقون يشكّلون أخطر تجمع معارض، لا على الإسلام فحسب، بل على كلّ رسالة
ثورية تقدمية، حيث ينفذون بين صفوف المسلمين، و يستغلّون كل فرصة للتآمر.
يتحدّث القرآن عن تآمر هؤلاء في صدر الإسلام و يذكر نماذج من أعمالهم.
و العماد: ما يقام عليه البناء. أي إذا ملتم عن أهوائهم أقاموكم عليها بأعمدة
من الخديعة حتى توافقوهم.
و المرصاد محل الارتقاب. و يرصدونكم: يقعدون لكم بكل طريق ليحوّلوكم عن
الاستقامة.
[1]- دويّة أي مريضة من الدّوى بالقصر
و هو المرض. و الصفاح- جمع صفحة: و المراد منها صفاح وجوههم، و نقاوتها: صفاؤها من
علامات العداوة و قلوبهم ملتهبة بنارها.
[2]- يمشون مشي التستّر. و يدبون: أي
يمشون على هيئة دبيب الضراء، أي يسرون سريان المرض في الجسم أو سريان النقص في
الأموال و الأنفس و الثمرات.
[3]- الداء العياء- بالفتح: الّذي
أعيى الأطباء و لا يمكن منه الشفاء.
[4]- حسدة: جمع حاسد، أي يحسدون على
السعة، و إذا نزل بلاء بأحد أكدوه و زادوه. و إذا رجى أحد شيئا أوقعوه في القنوط و
اليأس.
[5]- الصريع: المطروح على الأرض، أي
إنّهم كثيرا ما خدعوا أشخاصا حتى أوقعوهم في الهلكة.