806- عنه عليه السلام- مِن كِتابِهِ لِشُرَيحِ بنِ الحارِثِ-: بَلَغَني أنَّكَ ابتَعتَ دارًا بِثَمانينَ دينارًا، وكَتَبتَ لَها كِتابًا، وأشهَدتَ فيهِ شُهودًا.
يا شُرَيحُ، أما إنَّهُ سَيَأتيكَ مَن لا يَنظُرُ في كِتابِكَ ولا يَسأَلُكَ عَن بَيِّنَتِكَ، حَتّى يُخرِجَكَ مِنها شاخِصًا ويُسلِمَكَ إلى قَبرِكَ خالِصًا.
فَانظُر يا شُرَيحُ لا تَكونُ ابتَعتَ هذِهِ الدّارَ مِن غَيرِ مالِكَ، أو نَقَدتَ الثَّمَنَ مِن غَيرِ حَلالِكَ، فَإِذا أنتَ قَد خَسِرتَ دارَ الدُّنيا ودارَ الآخِرَةِ! أما إنَّكَ لَو كُنتَ أتَيتَني عِندَ شِرائِكَ مَا اشتَرَيتَ لَكَتَبتُ لَكَ كِتابًا عَلى هذِهِ النُّسخَةِ فَلَم تَرغَب في شِراءِ هذِهِ الدّارِ بِدِرهَمٍ فَما فَوقُ! وَالنُّسخَةُ هذِهِ: «هذا مَا اشتَرى عَبدٌ ذَليلٌ مِن مَيِّتٍ قَد ازعِجَ لِلرَّحيلِ، اشتَرى مِنهُ دارًا مِن دارِ الغُرورِ، مِن جانِبِ الفانينَ وخِطَّةِ الهالِكينَ. وتَجمَعُ هذِهِ الدّارَ حُدودٌ أربَعَةٌ: الحَدُّ الأَوَّلُ يَنتَهي إلى دَواعِي الآفاتِ، وَالحَدُّ الثّاني يَنتَهي إلى دَواعِي المُصيباتِ، وَالحَدُّ الثّالِثُ يَنتَهي إلَى الهَوَى المُردي، وَالحَدُّ الرّابِعُ يَنتَهي إلَى الشَّيطانِ المُغوي، وفيهِ يُشرَعُ بابُ هذِهِ الدّارِ. اشتَرى هذَا المُغتَرُّ بِالأَمَلِ مِن هذَا المُزعَجِ بِالأَجَلِ هذِهِ الدّارَ بِالخُروجِ مِن عِزِّ القَناعَةِ وَالدُّخولِ في ذُلِّ الطَّلَبِ وَالضَّراعَةِ، فَما أدرَكَ هذَا المُشتَري فيمَا اشتَرى مِنهُ مِن دَرَكٍ فَعَلى مُبَلبِلِ أجسامِ المُلوكِ، وسالِبِ نُفوسِ الجَبابِرَةِ، ومُزيلِ مُلكِ الفَراعِنَةِ، مِثلِ كِسرى وقَيصَرَ، وتُبَّعٍ وحِميَرَ، ومَن جَمَعَ المالَ عَلَى المالِ فَأَكثَرَ، ومَن بَنى وشَيَّدَ، وزَخرَفَ ونَجَّدَ، وَادَّخَرَ وَاعتَقَدَ، ونَظَرَ بِزَعمِهِ لِلوَلَدِ، إشخاصُهُم جَميعًا إلى مَوقِفِ العَرضِ وَالحِسابِ ومَوضِعِ الثَّوابِ وَالعِقابِ: إذا وَقَعَ الأَمرُ بِفَصلِ القَضاءِ وَ خَسِرَ