حصوله غاية الندرة، و كذا
كونهما من باب الرواية، فينحصر الأمر في الأخير، و سيأتي عدم حصوله في الأوّل و
حصوله في الثاني، و إنّما ذكرنا الاحتمالين الأوّلين جريا على طريقة القائلين بهما[1].
فإن
قلت: فعلى هذا فما الفرق بين القسمين؟
قلت:
الفرق أنّ الأوّل من باب الشهادة على المجهول و الثاني من باب الشهادة على
المعلوم، و الأوّل غير مسموع و الثاني مسموع.
فإن
قلت: كيف يمكن تحقّق الشهادة و اطّلاع المصنّفين على حال الرواة مع بعد العهد؟
قلت:
الشهادة قد تكون علميّة، و العلم قد يحصل من الشياع و نحوه[2]
كما في عدالة سلمان و أبي ذرّ و أمثالهما و فسق أضدادهما.
[1] . و يمكن أن نجيب عنه بوجه آخر: و هو أن الاعتماد
على الكتب الرجالية، لأجل ثبوت نسبتها إلى مؤلفيها فإذا ثبتت نسبتها عن طريق
التواتر و الاستفاضة، أو الاطمئنان العقلاني الذي يعد علما عرفيا أو الحجة الشرعية
يصح الاعتماد عليها. و لأجل ذلك تقبل الأقارير المكتوبة و الوصايا المرقومة بخطوط
المقر و الموصي أو بخط غيرهم، إذا دلت القرائن على صحتها. كليات في علم الرجال:
37- 36.
[2] . و حاصل الجواب انّه قد يكون المشهود به أمرا يكون
مبادئه قريبة من الحسن و إن لم يكن بنفسه حسيا، و ذلك مثل العدالة و الشجاعة
فإنّهما من الأمور غير الحسية، لكن مبادئهما حسية من قبيل الالتزام بالفرائض و
النوافل و على ذلك فكما يمكن إحراز عدالة المعاصر بالمعاشرة يمكن إحرازه بقيام
القرائن و الشواهد على عدالته أو شهرته و شياعه بين الناس على نحو يفيد الاطمئنان.
كليات في علم الرجال: 41.