أوّلا:
أنّ العمل بأخبار هؤلاء في المدح و القدح و نحوهما من أحوال الرواة في الجملة ممّا
أجمع عليه الفريقان و إن اختلفوا في جهة الحجيّة إنّها الشهادة أو الرواية أو
الظنّ الاجتهاديّ، و ليس حال تصحيحهم كذلك، فالإجماع القاطع مرجّح و موجب العمل به
ثمّة، مضافا إلى أنّ العقل الذي هو النور الساطع أيضا بذلك قاطع، حذرا عن لزوم
المفاسد الشنيعة التي منها لزوم إبطال الشريعة، كما لا يخفى على من له أدنى مسكة و
بصيرة!
و
ثانيا: أنّه لا يخلو الجرح و التعديل عن الأقسام الثلاثة، و لا يتحقّق شيء منها
في تصحيحهم. أمّا عدم تحقّق الشهادة فلأنّها عبارة عن إخبار جازم بما شاهده أو
سمعه أو علمه.
و
كلام الصدوق الذي هو أصرح في مقصود المستدلّ بزعمه يدلّ على خلافه حيث قال: بل
قصدت إلى إيراد ما أفتي به و أحكم بصحّته و أعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني و بين
ربّي تقدّس ذكره[1]، فإنّه
يدلّ على أنّ تصحيحه إن كان يكون من باب حكمه و فتواه، و ذلك ليس شهادة بل اجتهاد،
و لا أقلّ من الاحتمال المنافي للاستدلال، بخلاف قولهم في المدح و القدح و نحوهما،
فإنّ ظاهر الأخبار الشهادة كما لا يخفى.
لا
يقال: لا بدّ في حصول الشهادة من السماع من الشاهد، و لا يكفي مجرّد نقله في كتابه
في كونه شهادة.
لأنّا
نقول: هذا مشترك الورود، و هذا هو الداعي في عدم كون الجرح و التعديل من باب
الشهادة، للزوم عدم حصول حديث صحيح أصلا أو ندرة