و لو قيل: إنّه لا بأس بكون
المقصود بالضبط في معنى «ثقة» غير الضبط المشترط في حجّيّة خبر الواحد، أعني
الإتقان، و هذا يحتاج إلى الثبوت.
قلت:
إنّه لا دليل على اشتراط غير ما اشترط في حجّيّة خبر الواحد في الاصول، فيكفي
أصالة الضبط بمعنى الإتقان، و لا حاجة إلى ثبوت الضبط بمعنى الإتقان، فلا حاجة إلى
إفادة ثبوت الإتقان بلفظة «ثقة».
[الضبط
في اصطلاح الاصوليّين و أرباب الدراية]
و
بعد ما مرّ أقول: إنّ الظاهر اختلاف المقصود بالضبط- المشروط به حجّيّة خبر
الواحد- في الاصول و الدراية؛ إذ الضبط- المشروط به حجّيّة خبر الواحد- في الدراية
فسّر بكون الراوي متيقّظا غير مغفّل إن حدّث من حفظه، ضابطا لكتابه حافظا له من
الغلط و التصحيف و التحريف إن حدّث منه، عارفا بما يختلّ به المعنى إن روى
بالمعنى.
و
ذكر أنّه يعرف ضبط الراوي بأن يعتبر روايته برواية الثقات المعروفين بالضبط و
الإتقان، فإن وافقهم في رواياته غالبا- و لو من حيث المعنى بحيث لا يخالفها أو
تكون المخالفة نادرة- عرف كونه ضابطا ثبتا، و إن وجد بعد اعتبار رواياته برواياتهم
كثير المخالفة لهم عرف عدم ضبطه.
و
هذا- أعني جعل المعيار في تشخيص ضبط الراوي على اعتبار رواياته بروايات الثقات
المعروفين- يرشد إلى الاختلاف؛ حيث إنّ الضبط- بمعنى غلبة الذكر- لا حاجة فيه إلى
التشخيص و الثبوت، بل يكفي فيه الأصل، كما صرّح به بعض، كما مرّ.
فنقول:
إنّ المقصود بالضبط في كلام أرباب الدراية إنّما هو الإتقان الموجب للاطمئنان، و
هو أمر يحتاج إلى الثبوت، و هو فوق الضبط باصطلاح الاصوليّين، كيف و غالب الناس من
باب الضابط باصطلاح الاصوليّين، بخلاف اصطلاح أرباب