و أمّا على القول بحجّيّة
الظنون الخاصّة، فإن قلنا بكون الجرح و التعديل من باب الشهادة، فلا مجال للقول
بلزوم الفحص؛ إذ لا إشكال في عدم وجوب فحص الحاكم لو شهد بعدالة شاهدين عنده
عادلان و تحصّل الظنّ له من شهادة الشاهدين، و جواز الحكم للحاكم على طبق شهادة
الشاهدين، و صرّح بانتفاء الخلاف غير واحد أيضا.
هذا
على القول بإختصاص حجّيّة البيّنة بصورة الظنّ، و أمّا على القول باختصاص حجّيّة
البيّنة بصورة الظنّ بحجّيّته تعبّدا، فلزوم الفحص غير معقول؛ إذا ليس الغرض من
الفحص إلّا الظنّ، و المفروض عدم الحاجة إليه، بل اعتبار البيّنة مع الشكّ، بل مع
الظنّ بالخلاف.
و
امّا على القول بكونه من باب الخبر، فمقتضى الاستدلال على كفاية تزكية الواحد-
بأنّ مفهوم آية النبأ قبول خبر الواحد و إن كان مظنون العدالة- هو جواز قبول خبر
العدل في الأحكام الشرعيّة و إن كان مظنون العدالة بظنّ حاصل قبل الفحص؛ لعدم
الفرق في شمول الآية بين الظنّ الحاصل قبل الفحص و الظنّ الحاصل بعده.
نعم،
سائر ما استدلّ به على كفاية تزكية العدل الواحد من الإجماع و لزوم انهدام
الشرعيّة لولاه لا يجري فيما قبل الفحص.
و
أمّا على القول بكونه من باب الظنون الاجتهاديّة فلا يتّجه القول بجواز القبول قبل
الفحص، إلّا أن يقال بالإجماع على عدم الفرق بين الظنّ الحاصل قبل الفحص و الظنّ
الحاصل بعد الفحص كما ربما يستفاد[1] ممّا
ذكره سيّدنا فيما تقدّم من كلامه عند الكلام في اشتراط قبول الجرح و التعديل
بالفحص عن المعارض.
[1] . قوله:« كما ربما يستفاد ممّا ذكره سيّدنا» أنت
خبير بأنّ مقتضى كلام سيّدنا دعوى الإجماع على قبول التعديل من بعض أهل الرجال لو
لم يتعرّض للرجل غير ذلك، و هذا ممّا لا يمكن فيه الفحص، فأين هذا ممّا يمكن فيه
الفحص كمورد البحث؟( منه رحمه اللّه).