قالَ: نَعَم.
قالوا: فَأَنتَ إذاً مُقَلِّدٌ عَلِيّاً دينَكَ، ارجِع فَلا دينَ لَكَ.
فَقالَ لَهُم صَعصَعَةُ: وَيلَكُم ألا اقَلِّدُ مَن قَلَّدَ اللَّهَ فَأَحسَنَ التَّقليدَ فَاضطَلَعَ بِأَمرِ اللَّهِ صِدّيقاً لَم يَزَل؟ أ وَلَم يَكُن رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله إذَا اشتَدَّتِ الحَربُ قَدَّمَهُ في لَهَواتِها فيَطَأُ صِماخَها بِأَخمَصِهِ، ويُخمِدُ لَهَبَها بِحَدِّهِ، مَكدوداً في ذاتِ اللَّهِ عَنهُ، يَعبُرُ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله وَالمُسلِمونَ؟! فَأَ نّى تَصرِفونَ؟! وأينَ تَذهَبونَ؟! وإلى مَن تَرغَبونَ وعَمَّن تَصدِفونَ؟![1]
3/ 22 عامِرُ بنُ واثِلَةَ
عامِرُ بنُ واثِلَةَ بنِ عَبدِ اللَّهِ الكَنانِيُّ اللَّيثِيُّ، أبُو الطُّفَيلِ وهُوَ بِكُنيَتِهِ أشهَرُ. وُلِدَ فِي السَّنَةِ الَّتي كانَت فيها غَزوَةُ احُدٍ. أدرَكَ ثَمانِيَ سِنينَ مِن حَياةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله، وَرآهُ، وهُوَ آخِرُ مَن ماتَ مِنَ الصَّحابَةِ.
وكانَ يَقولُ: أنَا آخِرُ مَن بَقِيَ مِمَّن كانَ رَأى رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه و آله. تُوُفِّيَ سَنَةَ 100 ه.
كانَ مِن أصحابِ عَلِيٍّ عليه السلام وثِقاتِهِ ومُحِبّيِه وشيعَتِهِ وشَهِدَ مَعَهُ جَميعَ حُروبِهِ.
كانَ لَهُ حَظٌّ وافِرٌ مِنَ الخِطابَةِ، وكانَ يُنشِدُ الشِّعرَ الجَميلَ، كَما كانَ مُقاتِلًا باسِلًا فِي الحُروبِ. خَطَبَ في صِفّينَ كَثيراً، وذَهَبَ إلَى العَسكَرِ ومَدَحَ عَلِيّاً عليه السلام بِشِعرِهِ النّابِعِ مِن شُعورِهِ الفَيّاضِ. وَافتَخَرَ بِصُمودِ أصحابِ الإِمامِ، وقَدَحَ في أصحابِ الفَضائِحِ مِنَ الامَوِيِّينَ وأخزاهُم. وذَكَرَهُ نَصرُ
[1]. الاختصاص: ص 121.