فَقالَ عُثمانُ: يا أيُّهَا النّاسُ، عَلَيكُم بِالسَّمعِ وَالطّاعَةِ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ عَلَى الجَماعَةِ، وإنَّ الشَّيطانَ مَعَ الفَذِّ، فَلا تَستَمِعوا إلى قولِ هذا، وإنَّ هذا لا يَدري مَنِ اللَّهُ ولا أينَ اللَّهُ.
فَقُلتُ لَهُ: أمّا قَولُكَ: «عَلَيكُم بِالسَّمعِ وَالطّاعَةِ» فَإِنَّكَ تُريدُ مِنّا أن نَقولَ غَداً: «رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا»[1]، وأمّا قَولُكَ: «أنَا لا أدري مَنِ اللَّهُ» فَإِنَّ اللَّهَ رَبُّنا ورَبُّ آبائِنَا الأَوَّلينَ، وأمّا قَولُكَ: «إنّيلا أدري أينَ اللَّهُ» فَإِنَّ اللَّهَ تَعالى بِالمِرصادِ.
قالَ: فَغَضِبَ وأمَرَ بِصَرفِنا وغَلقِ الأَبوابِ دونَنا.[2] وفي تاريخ دمشق: إنَّ عَلِيّاً دَخَلَ عَلى صَعصَعَةَ يَعودُهُ، فَلَمّا رَآهُ عَلِيٌّ، قالَ: إنَّكَ ما عَلِمتُ حَسَنُ المَعونَةِ خَفيفُ المَؤونَةِ.[3] فَقالَ صَعصَعَةُ: وأنتَ وَاللَّهِ يا أميرَ المُؤمِنينَ عَليمٌ، وأنَّ اللَّهَ في صَدرِكَ عَظيمٌ.
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ: لا تَجعَلها ا بَّهَةً عَلى قَومِكَ أن عادَكَ إمامُكَ.
قالَ: لا يا أميرَ المُؤمِنينَ، ولكِنَّهُ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ عَلَيَّ أن عادَني أهلُ البَيتِ وَابنُ عَمِّ رَسولِ رَبِّ العالَمينَ.[4] وعن مَسمَعِ بن عَبدِ اللَّه البَصرِيّ عن رَجُلٍ قال: لَمّا بَعَثَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ- صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِ- صَعصَعَةَ بن صوحانَ إلَى الخَوارِجِ قالوا لَهُ: أ رَأَيتَ لَو كانَ عَلِيٌّ مَعَنا في مَوضِعِنا أ تَكونُ مَعَهُ؟
[1]. الأحزاب: 67.
[2]. الأمالي للطوسي: ص 236 ح 418.
[3]. في المصدر:« حسن المونة خفيق المؤونة»، والصحيح ما أثبتناه.
[4]. تاريخ دمشق: ج 24 ص 88.