عن ثَعْلَبة بن يزيد الحِمَّانِيّ، قال: كتَب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه) إلى عَمْرو بن العاص:
«مِنْ عَبدِ اللَّهِ أميرِالمُؤمِنينَ إلى عَمْروبن العاص.
أمَّا بَعدُ، فإنَّ الَّذِي أعْجَبَكَ مِمَّا تَلَوَّيْتَ مِنَ الدُّنيا ووَثِقْتَ بهِ مِنها مُنْقَلِبٌ عَنْكَ، فلا تَطْمَئِنَّ إلى الدُّنيا، فإنَّها غَرَّارَةٌ، ولَو اعْتَبَرْتَ بِما مَضَى حَذَرْتَ ما بَقِيَ، وانْتَفَعْتَ مِنها بما وُعِظْتَ بهِ، ولكنَّك تبَعْتَ هَواكَ وآثَرْتَهُ، ولوْلا ذلِكَ لمْ تُؤثِرْ علَى ما دَعَوْناك إليْهِ غَيْرَهُ، لأنَّا أعْظَمُ رَجاءً وأوْلى بالحُجَّةِ، والسَّلامُ.» [1]
109 كتابه 7 إلى عَمْرو بن العاص
«مِن عَبْدِ اللَّهِ علَيٍّ أميْرالمُؤْمِنينَ إلَى الأبْتَرِبْنِ الأبْتَرِ عَمْروبْن العَاصِ بْن وائِلٍ، شانِئ مُحمَّدٍ وآلِ محمَّد في الجَاهِلِيَّة والإسْلام، سَلامٌ علَى مَنِ اتَّبعَ الهُدَى.
أمَّا بَعْدُ، فإنَّك تَركتَ مرُوءَ تَكَ لامْرِىً فاسِقٍ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ، يَشِينُ الكَرِيْمَ بمَجْلِسهِ، ويُسَفِّهُ الحَلِيمَ بخِلْطَتِهِ، فصَارَ قلْبُك لِقَلْبِهِ تَبَعاً، كما قيل: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ؛ فَسَلَبَكَ دِينَك وأمانَتَكَ ودُنياكَ وآخِرَتَك، وكانَ عِلْمُ اللَّهِ بالِغاً فِيكَ.
فَصِرْتَ كالذِّئبِ يَتْبَعُ الضَّرْغامَ إذا ما اللَّيلُ دَجى، أوْ أتَى الصُّبْحَ يَلْتَمِسُ فاضِلَ سُؤرِهِ وحَوايَا فَرِيْسَتِهِ، ولكِن لا نَجاةَ مِنَ القَدَرِ، ولو بالحَقِّ أَخَذْتَ لأدْرَكْتَ ما رَجَوْتَ، وقَدْ رَشَدَ مَن كانَ الحَقُّ قائِدَهُ، فإنْ يُمْكِنِ اللَّهُ مِنْكَ ومِن ابْنِ آكِلَةِ الأكْبادِ، ألْحَقْتُكُما بِمَنْ قَتَلَهُ اللَّهُ مِن ظَلَمَةِ قُرَيْشٍ علَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ 6، وإنْ تُعْجِزا وتَبْقيا
[1]. الأمالي للطوسي: ص 217 ح 381 و راجع: وقعة صفِّين: ص 498.