و ثمانينَ ألفاً، و ذلك لأيّامٍ خلَتْ من المُحرَّمِ، فسبَقَ إلى سُهولَةِ الأرضِ و سَعَةِ المَرعى و قُربِ الفُراتِ فَنزَلَ هُنالِكَ؛ ثُمَّ إنَّهُ بنى بُنياناً لَهُ، و ضُرِبَتِ القِبابُ و الخِيامُ و الفَساطِيطُ، و بُنِيَتِ المَعالِفُ لِلخَيلِ، و اجتَمَعَتْ إليهِ العَساكِرُ مِن أطرافِ البلادِ فَصارَ في عِشرينَ و مائة ألفٍ؛ ثُمَّ إنَّه كَتبَ إلى عليٍّ رضى الله عنه بهذِهِ الأُرجُوزَةِ:
لا تَحسَبنَّ يا عَلِيُّ غَافِلًا * * * لأُورِدَنَّ الكُوفَةَ القَبائِلا
و المَشرِفيّ و القَنا الذَّوابِلا * * * مِن عامِنا هذا و عاماً قابِلا
فكتب إليه عليّ رضى الله عنه بهذه الأبيات:
«أصبَحْتَ مِنِّي يا ابن هِنْدٍ جَاهِلا * * * لأَرْمِيَنَّ مِنْكُمُ الكَواهِلا
تِسعِينَ ألفاً رامِحاً و نابِلا * * * يَزْدَجِرُونَ الأرضَ و السَّواهِلا
بِالحَقِّ و الحَقُّ يُزيِحُ البَاطِلا * * * هذا لَكَ العامُ و زُرنِي قَابِلا». [1]
89 كتابه 7 إلى معاوية
فقال نصر: عَمْرو بن شمر، عن جابر، عن مُحَمَّد بن عليّ و زَيْد بن حسن، و مُحَمَّد- يعني ابن المطَّلب- قالوا: استعمل عليّ 7 على مقدمته الأشْتَر بن الحارث النَّخَعيّ، و سار عليّ في خمسين و مائة ألف من أهل العراق، و قد خنَست طائفةٌ من أصحاب عليّ، و سار معاوية في نحو من ذلك من أهل الشَّام، و استعمل معاوية على مقدَمته سُفْيَان بن عمرو: أبا الأعْوَر السَّلمي.
فلمّا بلغ معاوية أنَّ عليّا يتجهّز، أمر أصحابه بالتَّهيُّؤ. فلمَّا استتب لعليّ أمره
[1]. الفتوح: ج 2 ص 538 و راجع: وقعة صفِّين: ص 136.