responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دانشنامه احاديث پزشكى نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 1  صفحه : 406

الفصل السابع: جهاز الهضم‌

7/ 1

الإِشارَةُ إلَى ما فيها مِنَ الحِكمَةِ

685. الإمام الصادق عليه السلام‌ لِلطَّبيبِ الهِندِيِّ: كانَ الكَبِدُ حَدباءَ لِيُثقِلَ المَعِدَةَ و يَقَعَ جَميعُها عَلَيها، فَيَعصِرَها لِيَخرُجَ ما فيها مِنَ البُخارِ.[1]

686. عنه عليه السلام‌ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ: فَكِّر يا مُفَضَّلُ في أعضاءِ البَدَنِ أجمَعَ، و تَدبيرِ كُلٍّ مِنها لِلإِربِ... الفَمُ لِلِاغتِذاءِ، وَ المَعِدَةُ لِلهَضمِ، وَ الكَبِدُ لِلتَّخليصِ، وَ المَنافِذُ لِتَنفيذِ الفُضولِ، وَ الأَوعِيَةُ لِحَملِها...

مَن جَعَلَ المَعِدَةَ عَصَبانِيَّةً شَديدَةً، و قَدَّرَها لِهَضمِ الطَّعامِ الغَليظِ؟

و مَن جَعَلَ الكَبِدَ رَقيقَةً ناعِمَةً، لِقَبولِ الصَّفوِ اللَّطيفِ مِنَ الغِذاءِ، و لِتَهضِمَ‌

و تَعمَلَ ما هُوَ ألطَفُ مِن عَمَلِ المَعِدَةِ، إلَّا اللّهَ القادِرَ؟ أ تَرَى الإِهمالَ يَأتي بِشَي‌ءٍ مِن ذلِكَ؟ كَلّا، بَل هُوَ تَدبيرٌ مِن مُدَبِّرٍ حَكيمٍ قادِرٍ، عَليمٍ بِالأَشياءِ قَبلَ خَلقِهِ إيّاها، لا يُعجِزُهُ شَي‌ءٌ و هُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ...

جَعَلَ اللّهُ سُبحانَهُ المَنفَذَ المُهَيَّأَ لِلخَلاءِ مِنَ الإِنسانِ في أستَرِ مَوضِعٍ مِنهُ، فَلَم يَجعَلهُ بارِزا مِن خَلفِهِ، ولا ناشِرا مِن بَينِ يَدَيهِ، بَل هُوَ مُغَيَّبٌ في مَوضِعٍ غامِضٍ مِنَ البَدَنِ، مَستورٌ مَحجوبٌ، يَلتَقي عَلَيهِ الفَخِذانِ، و تَحجُبُهُ الأَليَتانِ بِما عَلَيهِما مِنَ اللَّحمِ فَيُوارِيانِهِ، فَإِذَا احتاجَ الإِنسانُ إلَى الخَلاءِ و جَلَسَ تِلكَ الجِلسَةَ ألفى ذلِكَ المَنفَذَ مِنهُ مُنصَبّا مُهَيَّئا لِانحِدارِ الثُّفلِ، فَتَبارَكَ اللّهُ مَن تظاهَرَت آلاؤُهُ ولا تُحصى نَعماؤُهُ!...

تَأَمَّلِ الرِّيقَ و ما فيهِ مِنَ المَنفَعَةِ؛ فَإِنَّهُ جُعِلَ يَجري جَرَيانا دائِما إلَى الفَمِ، لِيَبُلَّ الحَلقَ و اللَّهَواتِ فَلا يَجِفَّ؛ فَإِنَّ هذِهِ المَواضِعَ لَو جُعِلَت كَذلِكَ كانَ فيهِ هَلاكُ الإِنسانِ، ثُمَّ كانَ لا يَستَطيعُ أن يُسيغَ طَعاما إذا لَم يَكُن فِي الفَمِ بَلَّةٌ تُنفِذُهُ، تَشهَدُ بِذلِكَ المُشاهَدَةُ.

وَ اعلَم أنَّ الرُّطوبَةَ مَطِيَّةُ الغِذاءِ. و قَد تَجري مِن هذَا البَلَّةِ إلى مَوضِعٍ آخَرَ مِنَ المُرَّةِ، فَيَكونُ في ذلِكَ صَلاحٌ تامٌّ لِلإِنسانِ، و لَو يَبِسَتِ المُرَّةُ لَهَلَكَ الإِنسانُ...

اعلَم أنَّ فِي الإِنسانِ قُوىً أربَعا: قُوَّةً جاذِبَةً تَقبَلُ الغِذاءَ و تورِدُهُ عَلَى المَعِدَةِ، و قُوَّةً مُمسِكَةً تَحبِسُ الطَّعامَ حَتّى تَفعَلَ فيهِ الطَّبيعَةُ فِعلَها، و قُوَّةً هاضِمَةً؛ و هِيَ الَّتي تَطبُخُهُ و تَستَخرِجُ صَفوَهُ و تَبُثُّهُ فِي البَدَنِ، و قُوَّةً دافِعَةً تَدفَعُهُ و تَحدِرُ الثُّفلَ الفاضِلَ بَعدَ أخذِ الهاضِمَةِ حاجَتَها.

تَفَكَّر في تَقديرِ هذِهِ القُوَى الأَربَعَةِ الَّتي فِي البَدَنِ، و أفعالِها و تَقديرِها لِلحاجَةِ إلَيها، وَ الإِربِ فيها، و ما في ذلِكَ مِنَ التَّدبيرِ وَ الحِكمَةِ، و لَو لَا الجاذِبَةُ

كَيفَ يَتَحَرَّكُ الإِنسانُ لِطَلَبِ الغِذاءِ الَّتي بِها قِوامُ البَدَنِ؟ و لَو لَا الماسِكَةُ كَيفَ كانَ يَلبَثُ الطَّعامُ فِي الجَوفِ حَتّى تَهضِمَهُ المَعِدَةُ؟ و لَو لَا الهاضِمَةُ كَيفَ كانَ يَنطَبِخُ حَتّى يَخلُصَ مِنهُ الصَّفوُ الَّذي يَغذُو البَدَنَ وَ يسُدُّ خِلَلَهُ؟ و لَو لَا الدّافِعَةُ كَيفَ كانَ الثُّفلُ الَّذي تُخَلِّفُهُ الهاضِمَةُ يَندَفِعُ و يَخرُجُ أوَّلًا فَأَوَّلًا؟

أ فَلا تَرى كَيفَ وَكَّلَ اللّهُ سُبحانَهُ بِلَطيفِ صُنعِهِ و حُسنِ تَقديرِهِ هذِهِ القُوى بِالبَدَنِ وَ القيامِ بِما فيهِ صَلاحُهُ؟ و سَامَثِّلُ لَكَ في ذلِكَ مِثالًا: إنَّ البَدَنَ بِمَنزِلَةِ دارِ المَلِكِ، و لَهُ فيها حَشَمٌ و صَبيَةٌ و قُوّامٌ مُوَكَّلونَ بِالدّارِ، فَواحِدٌ لإقضاءِ حَوائِجِ الحَشَمِ و إيرادِها عَلَيهِم، و آخَرُ لِقَبضِ ما يَرِدُ و خَزنِهِ إلى أن يُعالَجَ و يُهَيَّأَ، و آخَرُ لِعِلاجِ ذلِكَ و تَهيِئَتِهِ و تَفريقِهِ، و آخَرُ لِتَنظيفِ ما فِي الدّارِ مِنَ الأَقذارِ و إخراجِهِ مِنها، فَالمَلِكُ في هذا هُوَ الخَلّاقُ الحَكيمُ مَلِكُ العالَمينَ، وَ الدّارُ هِيَ البَدَنُ، وَ الحَشَمُ هِيَ الأَعضاءُ، وَ القُوّامُ هِيَ هذِهِ القُوَى الأَربَعُ.

و لَعَلَّكَ تَرى ذِكرَنا هذِهِ القُوَى الأَربَعَ و أفعالَها بَعدَ الَّذي وَصَفتُ فَضلًا و تَزداداً، و لَيسَ ما ذَكَرتُهُ مِن هذِهِ القُوى عَلَى الجِهَةِ الَّتي ذُكِرَت في كُتُبِ الأَطِبّاءِ ولا قَولُنا فيهِ كَقَولِهِم؛ لِأَنَّهُم ذَكروها عَلى ما يُحتاجُ إلَيهِ في صَناعَةِ الطِّبِّ و تَصحيحِ الأَبدانِ، و ذَكَرناها عَلى ما يُحتاجُ في صَلاحِ الدّينِ و شِفاءِ النُّفوسِ مِنَ الغَيِّ، كَالَّذي أوضَحتُهُ بِالوَصفِ الشّافي، وَ المَثَلِ المَضروبِ مِنَ التَّدبيرِ وَ الحِكمَةِ فيها...

فَكِّر يا مُفَضَّلُ في طُلوعِ الشَّمسِ و غُروبِها لإقامَةِ دَولَتَيِ النَّهارِ وَ اللَّيلِ... فَلَو لا غُروبُها لَم يَكُنِ لِلنّاسِ هَدءٌ ولا قَرارٌ مَعَ عِظَمِ حاجَتِهِم إلَى الهَدءِ وَ الرّاحَةِ، لِسُكونِ أبدانِهِم، و جُمومِ حَواسِّهِم، و انبِعاثِ القُوَّةِ الهاضِمَةِ لِهَضمِ الطَّعامِ، و تَنفيذِ الغِذاءِ إلَى الأَعضاءِ.[2]


[1] الخصال، ص 514، ح 3، علل الشرائع، ص 100، ح 1، المناقب لابن شهرآشوب، ج 4، ص 261 كلّها عن الربيع صاحب المنصور، بحار الأنوار، ج 61، ص 310، ح 17.

[2] بحار الأنوار، ج 3، ص 67 إلى ص 112 نقلًا عن الخبر المشتهر بتوحيد المفضّل.

نام کتاب : دانشنامه احاديث پزشكى نویسنده : محمدی ری‌شهری، محمد    جلد : 1  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست