نام کتاب : مصارع الشهداء ومقاتل السعداء نویسنده : آل عصفور، الشيخ سلمان جلد : 1 صفحه : 78
المصرع
الخامس
وهو مصرع
الحسين عليهالسلام
عرّجوا يا ذوي الأذهان الوقّادة على
مراقي الفكر ، وأدلجوا يا أولي البصائر النقادة في ليالي العبر ، وأوتروا سهام
الأفكار النفادة من قسيّ النظر ، وتدرّعوا دروع الإدراكات الورّادة عند اعتكار
عثير التصور ، وامتطوا قرى القرائح المدّادة في مضامير الخبر ، وهزوّا ذوابل العقل
الميّادة ، واطعنوا بها صدور الورد والصدر ، وتصوّروا تكوين النوع الإنساني
وإيجاده في عالم القضاء والقدر ، وتيقّنوا أنّ الله أوجده وإن شاء أعاده ، فلا عين
ولا أثر ، وأنّ ليس في وجوده لله نفع ولا استفادة ، ولا يناله من عدمه نقص ولا ضرر
، ركبّ فيه القوى جسماً رأى استعداده ، وأبانه في أحسن الصور ، كأنّه بما يعمّه
نفعه ليرى انقياده ، بما له به أمر ، ذرأه فبرأه ، واختاره وأراده ، ثمّ كوّن
وصوّر ، لقّنه قول « بلى » عند جواب استفهام « ألست بربّك » ؟ وكان ذلك ارفاده
وبها نال الظفر.
روي أنّ الحكيم المطلق لمّا أخرج الوجود
الإنساني من كتم العدم إلى فضاء الوجود وطرز قامة ذاته بخلع الإفضال والجود ، وأفاض
عليه رواشح البقاء اللطيف ، وقيّد جوارحه بقيد التكاليف ، رتّب أفراده بحسب
القابليّة ، كما اقتضته الحكمة الإلهيّة ، فأردف كل رتبة بتكليف يوازيها ، وقرن كلّ
درجة ببليّة تساويها ، ليحصل بذلك التمييز بين الغثّ والسمين ، ويتبيّن فيما هنالك
الصدق من المين ، حفّ كلّ مرتبة جليلة بمصيبة مهولة ، وحذا كلّ درجة نبيلة بفادحة
ثقيلة ، كلّ ذلك امتحاناً لمن أبرأ واختباراً لمن أنشأ ، (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى)[١].