العزمات الصادقة
فلما رأى أن لا مناص من الردى
وإنّ مراد القوم منه كبيرُ
فقال لأهليه وباقي صحبه
ألا إنّ لبثي فيكمُ ليسيرُ
عليكم بهذا الليل فاستتروا به
وقوموا وجدّوا في الظلام وسيروا
ويأخذ كلُّ منكم يدَ واحدٍ
من الآن واخفوا في البلاد وغوروا
فما بُغيةُ الأرجاس غيري وخالقي
على كلّ شيءٍ يبتغيه قديرُ
فقالوا معاذَ الله نسلمُكَ للعدى
وتُضفى علينا للحياة ستورُ
فأيُّ حياة بعد فقدك نرتجي
وأيُّ فؤادٍ يعتريه سرورُ
ولكن نقي عنك الردى بسيوفنا
لتحظى بنا دارُ النعيم وحورُ
فقال جُزيتم كلّ خيرٍ فأنتمُ
لكلّ الورى يوم القيامة نورُ
فأصبح يدعو هل مغيثٌ يُغيثُنا
فقلّ مُجيبوه وعزّ نصيرُ
ولم تبقَ إلا عصبةٌ علويةٌ
لهم عزماتٌ ما بهنَّ قصورُ
ولمّا شبت نار الحروب وأضرمت
وقتْ نفسَه هامٌ لهم ونحورُ
ولم أنسه يوم الهياج كأنّهُ
هزبرٌ له وقعُ السيوف زئيرُ
يكرُّ عليهم والحسام بكفّهِ
فلم يرَ إلا صارخٌ وعفيرُ
وراح إلى نحو الخيام مودعاً
يُهمهمُ بالقرآن حيثُ يسيرُ