والمرجئة ـ مع
ذلك ـ يقولون في الأمويين إنهم الحكّام الذين تجب طاعتهم ، وإنهم مؤمنون لا يجوز
الحكم عليهم بالكفر ، ولا لعنهم ، ولا التعرّض لهم ولا الخروج عليهم!
إن هذا الانحراف الذي عرض لامة الإسلام
، كان ردّة خفيّة تمرّر باسم الإسلام وعلى يد الخليفة والمجرمين الممالئين له.
فكانت جهود الإمام السجاد عليهالسلام هي التي اعقبت إحياء الروح الإسلامية
واستتبعت الصحوة للمسلمين ، فرصّ الصفوف ، فتمكّن ابنه المجاهد العظيم زيد بن علي عليهالسلام من إطلاق الثورة ضدهم.
وتلك التعاليم
السجادية هي التي جعلت أمر كفر الأمويّين وبطلان حكمهم ، أوضح من الشمس ، وألجأت
أبا حنيفة المتّهم بالإرجاء [١]
أن يرى ولاة بني امية مخالفين لتعاليم الدين وأعلن وأظهر البغض والكراهية لدولتهم
، وساهم في حركة زيد الشهيد ، وناصر أهل البيت بالمال والعدّة ، وكان يفتي ـ سرّا
ـ بوجوب نصرة زيد وحمل المال إليه والخروج معه على اللصّ المتغلّب المتسمّي بـ «
الإمام والخليفة » [٢].
وفي
الإمامة والولاية :
كانت الإمامة في نظام الدولة الإسلامية
، أعلى المناصب الحكومية ، ولذا كان الحكّام يسمّون أنفسهم أئمة للناس ، واُمراء
للمؤمنين ، بلا منازع.
ولا يدّعي أحد
غير الحاكم ، لنفسه منصب الإمامة إلاّ إذا لم يعترف بالحاكم ولا حكومته : ومعنى
هذا الادّعاء معارضته للنظام ولمقام الخليفة نفسه.
والإمام السجاد عليهالسلام قد أعلن عن إمامة نفسه بكل وضوح وصراحة
ومن دون أيّة تقيّة وخفاء.
ولعلّ لجوءه عليهالسلام الى هذا الاسلوب المكشوف كان من أجل
أنّ بني أمية بلغ أمر فسادهم وخروجهم عن الإسلام ، وعدم صلاحيتهم للحكم على
المسلمين وإدارة
[١] لاحظ تاريخ
بغداد (ج ١٣) وانظر الكنى والألقاب ( ١ / ٥٢ ).