إن الموقف لم
يكن بحيث يخفى شيء من أبعاده على الإمام عليهالسلام
، ولم يكن هو عليهالسلام
بحيث يقوم بما قام متجاهلا عواقبه وآثاره ، فلا بد لمن يحضر المطاف أن ينتبه لحضور
مثل هشام ـ وليّ العهد ـ على المنبر ، وحوله الجلاوزة من أهل الشام.
لكنّ الإمام زين العابدين عليهالسلام تجاهل وجود هشام ، قاصدا الى عواقب
إقدامه الجرىء ذلك :
فهو يسير في إكمال أشواط الطواف ،
متزيّيا بزيّ الأنبياء ، والناس يتنسّمون منه ريح النبّوة وعبق الرسالة ، وهذا
واحد من آثار نضال السنوات الطويلة العجاف الشداد ، التي كابد فيها الإمام أنواع
الصعاب ، ليفتح أمام الناس طريق معرفة الإمام والوصول الى الإمامة ، بينما كانت
الخلافة في غفلة عن هذا كلّه ، ومنهمكة في عتوّها
__________________
الحديث عمّا وقع من
الاختلاف في ما ورد من أبيات على وزن الميميّة في التراث العربي ، من حيث قائلها ،
والممدوح الذي قيلت في حقه ، وفي عدد أبيات ما قيل في كلّ مناسبة ، وفي خصوص ما
نسب الى الفرزدق في مدح الإمام عليهالسلام
في مقام الحجر الأسود ، من حيث عدد الأبيات ، ودقق في مضمون الأبيات المنسوبة ،
فتوصّل الى أن الانسب بالمقام ـ زمانا ومكانا ووضعا ـ هو هذه الأبيات السبعة التي
اختارها ، وأنّها الأنسب بالشاعر وبالمناسبة لفظا وبلاغة ، ومعنى ودلالة.
وأبان الوجوه التي استبعد بها
الأبيات الاخر ، بتفصيل واف ، ومما يحسن ترجمته من كلامه ، بعد إيراده البحث
المذكور ، قوله :
إن كان الفرزدق قد أنشأ هذه
الأبيات في حق الإمام علي بن الحسين ، فقد أدى جزءا ضئيلا من دينه ، وخفف شيئا من
أثقال جرائمه التي يحملها على عاتقه ، حيث يعجّ ديوان هذا الشاعر بمدائح معاوية ،
وعبدالملك بن مروان ، وابنه الوليد ، ويزيد بن عبدالملك ، وعمّالهم مثل : الحجاج
بن يوسف ، ويعثر في ديوانه على أكثر من عشرة قصائد في مديح هشام وابنه ، بالخصوص.
أن ما كتبه اليافعي ـ في حق
الفرزدق ـ يبدو وافيا جدا ، حيث قال : « وينسب الى الفرزدق مكرمة يرتجى له بها
الرحمة في دار الآخرة » وأورد حديث الميميّة ، في مرآة الجنان ( ج ١ ص ٢٣٩ ) طبع
موسسة الأعلمي بيروت ـ عن طبعة حيدرآباد الهند ١٣٣٧.
وأليك بعض مصادر هذه القصيدة
:
تاريخ دمشق ( الحديث ١٣٣ )
مختصره ( ١٧ : ٦ ـ ٢٤٧ ) ديوان الفرزدق ( ٢ : ١٧٨ ) الأغاني ( ١٥ : ٣٢٧ ) و ( ١٥ :
٢٦١ ثقافة ) وصفوة الصفوة ( ٢ : ٨ ـ ٩٩ ) طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ( ١ : ١٥٣
) وأمالي المرتضى ( ١ / ٦٢ ) وانظر الإمام زين العابدين عليه السلام.