أبدان الشجعان ضرام
وقودها، و أجساد الأمجاد طعام حديدها، ما صيحة عاد و ثمود بأهول من وقعة صفعتها، و
لا ظلّة أصحاب الأيكة بأصحى من ظلمة ظلّتها، طفى نحرها فأعرق، و اضطرم جرها فأحرق،
و عمّ قطرها فاجتاح فرعها و أصلها، و دارت رحى منونها فطحنت خيلها و رجلها، صبح
عادياتها يذهل السامع، و قارعة قوارعها تصخّ المسامع، تزلّ الأقدام لتكاثر
زلزالها، و يحجم الأبطال لخطر نزالها، اختلط خاثرها بزبادها، و اشبهت أمجادها
بأوغادها، و موافقها بمنافقها، و مخالفها بموالفها، و دنيّها بشريفها، و صريحها
بحليفها، و برّها بفاجرها، و مؤمنها بكافرها، فئة تقاتل في سبيل اللّه و اخرى
كافرة، و فرقة تبتغي عرض الحياة الدنيا و فرقة ترجو ثواب الآخرة.
قد فتحت أبواب الجنان
لأرواح بذلت وسعها في طاعة ربّها و وليّها، و شجرة دركات النيران لأنفس أخلفت عهد
إمامها و نبيّها، طالت ليلة هريرها فكم حلايلا تمت؟ و اضطربت حطمة سعيرها فكم
أطفالا أيتمت؟ امتدّت ظلمتها، و اشتدّت سدفتها، و ثلمت صفاحها، و حطمت رماحها، و
علا ضجيجها، و ارتفع عجيجها، و تكادمت فحولها، و تصادمت خيولها، و تزأّرت آسادها،
و تقطّرت أمجادها.
و كان أمير المؤمنين
عليه السلام نجمها الثاقب، و سهمها الصائب، و ليثها الخادر، و عينها الهامر، و
بحرها الزاخر، و بدرها الزاهر، كم أغرق في لجّة بطشه منافقا؟ و كم أخرق بشهاب سيفه
متنافقا؟
جبريل في حروبه مكتب
كتابته، و ميكائيل في وقائعه يعجب من