[كتاب معاوية إلى أمير المؤمنين عليه السلام، و جواب أمير
المؤمنين له]
و كتب إلى عليّ عليه
السلام:
أمّا بعد، فإنّا لو
علمنا أنّ الحرب تبلغ بنا و بك ما بلغت لم تجهّمنا بعضنا على بعض؟ و إن كنّا قد
غلبنا على عقولنا فقد بقي لنا ما نرمّ[1]
به ما مضى، و نصالح به ما بقي، و قد كنت سألتك الشام على ألّا تلزمني لك طاعة و لا
بيعة، فأبيت، و أنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس، فإنّك لا ترجو من البقاء
إلّا ما أرجو، و لا تخاف من الفناء إلّا ما أخاف، و قد و اللّه رقّت الأجساد، و
ذهبت الرجال، و نحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض يستذلّ به عزيز، و يسترقّ
به حرّ.
فأجابه أمير المؤمنين
عليه السلام:
أمّا قولك إنّ الحرب قد
أكلت العرب إلّا حشاشات أنفس بقيت، ألا و من أكله الحقّ فإلى النار، و أمّا طلبك
إليّ الشام فإنّي لم أكن لاعطيك [اليوم][2]
ما منعتك أمس، و ما استواؤنا في الخوف و الرجاء[3]، فلست أمضي على الشكّ
منّي على اليقين، و ليس أهل الشام على الدنيا بأحرص من أهل العراق على الآخرة.
و أمّا قولك إنّا بنو
عبد مناف فكذلك نحن، و ليس اميّة كهاشم، و لا حرب كعبد المطّلب، و لا أبو سفيان
كأبي طالب، و لا الطليق كالمهاجر، و لا الصريح كاللصيق، و لا المحقّ كالمبطل، و لا
المؤمن كالمدغل، و في أيدينا فضل النبوّة الّذي أذللنا به العزيز، و أنعشنا به
الذليل، و بعنا بها الحرّ.