الزكاة و هم راكعون، كما تقول: إنّما الفصاحة للعرب، فحصرت
الفصاحة فيهم و نفيتها عن غيرهم، و كما تقول: إنّما أكلت رغيفا، و إنّما رأيت
زيدا، فنفيت أكل أكثر من رغيف و رؤية غير زيد.
و وجه آخر و هو انّ
الولاية مختصّة بمن ذكرنا هو انّه سبحانه قال: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ
اللَّهُ) فخاطب جميع المؤمنين، و دخل في الخطاب النبيّ و غيره، ثمّ قال:
(وَ رَسُولُهُ) فأخرج النبي من
جملتهم لكونهم مضافين إلى ولايته، ثمّ قال:
(وَ الَّذِينَ آمَنُوا) فوجب أن يكون
الّذي خوطب بالآية غير الّذي حصلت له الولاية، و لا أدّى أن يكون المضاف هو المضاف
إليه بعينه، و إلى أن يكون كلّ واحد من المؤمنين وليّ نفسه، و هذا باطل، فثبت بذلك
الولاية العامّة للّه و لرسوله و للمؤمنين الّذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و
هم راكعون، و ليس لأحد أن يقول: إنّ لفظ (الَّذِينَ آمَنُوا) جمع و لا يجوز
أن يتوجّه إلى أمير المؤمنين على الانفراد، و ذلك انّ أهل اللغة يعبّرون بلفظ
الجمع عن الواحد على سبيل التعظيم و التفخيم، و ذلك أشهر في كلامهم من الاستدلال
عليه، و ليس لهم أن يقولوا: إنّ المراد بقوله: (وَ هُمْ راكِعُونَ) انّ هذه سمتهم[1] فلا يكون
حالا لإيتاء الزكاة و ذلك لأنّ قوله: (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) قد دخل فيه الركوع،
فإذا حملناه على أنّ من سمتهم[2] الركوع كان
ذلك كالتكرار الغير مفيد، و تأويل المفيد أولى من البعيد الّذي لا يفيد، فثبتت
الولاية العامّة لأمير المؤمنين عليه السلام كما ثبتت للّه و لرسوله[3].
كلمات ألقاها جناني إلى
لساني، و سجعات أملاها إيماني على بياني،