فقال: اداويه على أنّه إذا برىء قال: أنت شفيتني، لا اريد
جزاء سوى ذلك.
قال: فأشارت إلى أيّوب
بذلك، فصاح و اضطرب و استجار باللّه و حلف ليضربنّها مائة ضربة.
و قيل: أوحى اللّه إلى
أيّوب: يا أيّوب، إنّ سبعين نبيّا من أنبيائي سألوني هذا البلاء فلا تجزع، فلمّا
أتاه اللّه بالعافية في بدنه اشتاق إلى ما كان عليه من البلاء، فلذلك قال سبحانه: (إِنَّا
وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[1].
و لمّا انقضت المحنة و
قرب الفرج أتاه جبرئيل بأمر اللّه بعد أن دامت به الأسقام و الأمراض سبع سنين، و
قال: يا أيّوب، (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) أي ادفع الأرض برجلك (هذا
مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ)[2]، فركض برجله
فنبعت عينان، فاغتسل من أحدهما فبرئ، و شرب من الاخرى.
و روي عن الصادق عليه
السلام أنّ اللّه تعالى أحيا له أهله الّذين ماتوا بأعيانهم قبل البليّة، و أحيا
أهله الّذين ماتوا و هو في البليّة.
قالوا: و لمّا ردّ اللّه
عليه ولده و أهله و ماله، و عافاه في بدنه أطعم أهل قريته سبعة أيّام، و أمرهم أن
يحمدوا اللّه و يشكروه، ثمّ أمره جبرئيل أن يأخذ ضغثا و هو ملء الكفّ من الشماريخ
و ما أشبه ذلك، فيضربها ضربة واحدة براءة ليمينه لأنّه كان قد حلف ليضربنّها مائة
ضربة[3].
فانظر إلى شدّة إخلاصه،
و عظيم اختصاصه، و حسن مراقبته لمعبوده، و مقابلته البلاء بالشكر في ركوعه و سجوده.