لقد كان هذا حال مجتمع العراق في عهد
الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام ، رغم أنه كان أقرب إلى مركز الحكم الإسلامي من
غيره ، ورغم أنه قد كان ثمة عناية خاصة من قبل الهيئة الحاكمة بشأن العراق ، الذي
كان مركز الانطلاق لغزو بلاد المشرق ..
وقد تحدثنا عن مجتمع العراق بشيء من
التفصيل في بحثنا المستفيض حول الخوارج ، والذي نأمل في تقديمه إلى القراء في فرصة
قريبة إن شاء الله تعالى.
ولكن يلاحظ على النص المتقدم قوله : «
بعضهم شيعته ، وشيعة أبيه » .. فإننا لا نعتقد : أن هذا البعض كان من الكثرة بحيث
يصح جعله في قبال سائر الفئات التي تحدث عنها ذلك النص ، إذ :
« قد كان الناس كرهوا علياً ، ودخلهم
الشك والفتنة ، وركنوا إلى الدنيا ، وقلّ مناصحوه ، فكان أهل البصرة على خلافه ،
والبغض له ، وجلّ أهل الكوفة وقراؤهم ، أهل الشام ، وقريش كلها » [٢].
بل لقد روى الكشي عن الباقر عليهالسلام قوله : « كان علي بن أبي طالب عليهالسلام عندكم بالعراق ، يقاتل عدوه ، ومعه
أصحابه وما كان منهم خمسون رجلاً يعرفنه حق معرفته ، وحق معرفته إمامته » [٣].
وفي حرب صفين يقول علي عليهالسلام لعدي بن حاتم : « أدن. فدنا حتى وضع
أذنه عند أنفه. فقال : ويحك ، إن عامة من معي اليوم يعصيني. وإن معاوية فيمن يطيعه
ولا يعصيه » [٤].
[١] كشف الغمة
للأربلي ج ٢ ص ١٦٥ والإرشاد للمفيد ص ١٩٣ وأعيان الشيعة ج ٤ قسم ١ ص ٥٠ و ٥١.