وكأنَّ هذه الكلمات نداء إلى الموت ،
فلم يجبه أحد من المسلمين ، وفي كلِّ مرّة يكرّر فيها نداءه كان يقوم له عليُّ بن
أبي طالب عليهالسلام من بينهم
ليبارزه ، فيأمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
بالجلوس ، انتظاراً منه ليتحرَّك غيره ، ولكن لم ينهض أحد؛ لمكان عمرو بن عبد ودٍّ
ومن معه.
ومضى عمرو يكرِّر النداء والتحدِّي
للمسلمين ، فقام عليٌّ عليهالسلام
مرَّةً أُخرى ، فأجلسه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وقال له : « إنَّه عمرو » ، ونادى مرَّةً أُخرى ، فقام عليٌّ عليهالسلام ، فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال له : « ادنُ منِّي » فدنا منه ،
فنزع عمامته عن رأسه وعمَّمه بها وأعطاه سيفه ذا الفقار ، وقال له : « امضِ لشأنك
» ثُمَّ رفع يديه وقال : « اللَّهمَّ إنَّك أخذت منِّي حمزة يوم أُحد ، وعبيدة يوم
بدر ، فاحفظ اليوم عليَّاً ، ربِّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ».
وقال نبيُّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمَّا دنا عليٌّ عليهالسلام من عمرو : « خرج الإيمان سائره إلى
الكفر سائره » ..