نام کتاب : نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة نویسنده : الصّغير، محمد حسين علي جلد : 1 صفحه : 23
والمضمون ، أو لهما
معاً ، مما جعل عبد القاهر يرفض التطرف في الرأيين وينفرد بإدراك العلاقة القائمة
بين الشكل والمحتوى ، فيعود بذلك إلى ما أسماه بالنظم تارة ، وبالتأليف تارة أخرى [١] ، وهو لا يريد بهذا إلا الصورة الفنية
في كثير من حدود صيغتها الاصطلاحية وليستدل من بعد هذا على أن الصورة غير منفردة
دون فن ، وإنما تشمل فنون القول بعامة ، أي إنها لا تنطبق على الشعر فحسب بل
تتعداه إلى العمل الأدبي بشقيه ، إذا توافقت أصوله ، وحسن تأليفه وتناسب نظمه ،
وبذلك تستوعب الصورة صنوف البيان ، بدليل إخضاع مفهومها عنده لآيات القرآن الكريم
، وإثبات إعجازه ، كما هو واضح لمن استقرأ دلائل الإعجاز ، وأسرار البلاغة. فعبد
القاهر الجرجاني أول منظر لمصطلح الصورة ، وأول قائل بها.
وعليه فالصورة الفنية جزء لا يتجزأ من
حضارة الأمة العربية في القرنين الرابع والخامس قبل الهجرة ، قبل أن تستحدث
دلالتها المعاصرة عند الأوروبيين بعدة قرون.
ب ـ إن مصطلح الصورة عند النقاد
المحدثين لا سيما الأوروبيين ممن عرضنا لآرائهم وتعاريفهم قد بدا متأرجحاً بين
مداليل لا التقاء بين أكثرها وقد يتخلل تعبيرها الغموض وعدم التحديد ، وألفاظها
وإن كانت لا تخلو من طرافة ونعومة إلا أنها عاجزة عن تحديد المصطلح تحديداً علمياً
، فالضلال ، والألوان ، والحركة ، والحس ، والرسم ، والمشهد ، والعشوى ، الكائن ،
والحي ، والإيحاء ، والشحن ، والعاطفة ، والفكرة ، وفوق المنطق.. كل أولئك من
الكلمات التي حشرت لتفسير معنى الصورة ، ولا يتم معها الضبط العلمي ، ولا يعلم
المراد منها على وجه التحقيق ، إلا إنها تحوم حول المصطلح ولا تفصح عنه.
ولعل أقرب التعاريف وجهاً ـ فيما يبدو
لي ـ وهو تعريف الأستاذ أحمد الشايب ، وأن استنبطه عن الشكل والمضمون ، وبحث عن
العنصر الثالث المفقود واعتبره الصورة.
ولا شك أن تعريف الدكتور داود سلوم
للصورة امتداد طبيعي لنظرية