تشهد النظرة العلمية والفلسفية بقيام
النظام الكوني على أساس سلسلة الأسباب والمسببات وارتباط كل ظاهرة من الظواهر
الطبيعية بعلّة وسبب مادي ، فهذا النظام ـ بمجموعه ـ نظام ممكن ، محتاج ـ في ذاته
، وفعله ـ إلى واجب غني بالذات ، وحيث إنّ الإمكان والافتقار لازم « ذات » الممكن
وماهيته ، والفقر والاحتياج لا ينقطع ولا ينفك عنه ، فالنظام الذي يتألف من سلسلة
« العلل والمعلولات » يكون قائماً ـ في وجوده وبقائه وفي تأثيره وفعله ـ بالله تعالى
دون أن يتمتع بأي « استقلال » ذاتي واستغناء عنه حدوثاً وبقاء ذاتاً وفعلاً.
وبعبارة أُخرى إنّ الظواهر الكونية كما
أنّها « غير مستقلة في ذاتها » وأصل وجودها كذلك هي غير مستقلة ـ في مقام عليتها
وتأثيرها ـ بمعنى أنّها لا تؤثر أو لا يمكنها التأثير إلاّ بإرادة الله ، وحوله
وقوته سبحانه ، ويستنتج من ذلك أنّه كما لا شريك له سبحانه في الفاعلية والعلية ،
ليس هناك في الواقع إلاّ « فاعل مستقل واحد » لا غير ، وإلاّ علة واحدة قائمة
بنفسها لا بسواها ، وذلك هو « الله » عز وجل.
وأمّا الأسباب والعلل الأُخرى فهي تستمد
« وجودها » و « فاعليتها » أيضاً من الله ، وتقوم به ، ولذلك فإنّ شعار المؤمن
الموحد يكون دائماً هو : « لا حول ولا قوة إلاّ بالله ».