نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 114
ورواه الدارقطني ، بسند عن أبي هريرة ، وفيه
مجاهيل ، حتى قال النسائي : هذا الحديث باطل كذب. [١]
ونكتفي بهذا المقدار في البحث عن سند
الروايات.
هذا حال رجال الأحاديث المذكورة ، ومن
المعلوم أنّه لا يمكن الاحتجاج بأحاديث هذا شأنها ، وعلى فرض صحتها فالصحيح تفسير
القدرية بمعنى مثبتي القدر والحاكمين به ، لا نفاته. فإنّ تلك الكلمة كأشباهها من
العدلية وغيرها تطلق ويراد منها مثبتو مبادئها ، أعني : العدل ، لا نفاتها. وإطلاق
تلك الكلمة وإرادة النفي منها من غرائب الاستعمالات.
نعم أخرج أبو داود في سننه [٢] ، عن حذيفة بناليمان قال : « قال رسول
اللّه : لكلّ أُمّة مجوس ، ومجوس هذه الأُمّة الذين يقولون لا قدر ».
وهذا الحديث على فرض صحته يمكن أن يكون
قرينة على تفسير القدرية في هذا المورد ، ويكشف عن أنّ ذلك الاستعمال البعيد عن
الأذهان ، كان مقروناً بالقرينة. ولكن الاحتجاج بالحديث غير تام ، إذ في سنده عمر
مولى غفرة ، عن رجل من الأنصار ، عن حذيفة ، فالراوي والمروي عنه مجهولان. [٣]
فقه
الحديث
وبعد ذلك كلّه ، ففقه الحديث يقتضي أن
نقول : إنّ المراد من القدرية هم مثبتو القدر ، لا نفاته ، بقرينة تشبيههم بالمجوس
، فإنّ المجوس معروفة بالثنوية ، وإنّ خالق الخير غير خالق الشر ، ومبدع النور غير
مبدع الظلمة ، وإنّ هناك إلهين خالقين في عالم واحد ، يستقل كلّ في مجاله الخاص ، حسب
ما يناسب ذاته.