نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 92
هذه المقولة التي كانت
أساساً في ولادة فرقة جديدة عُرفت ب :
المعتزلة :
وذلك أنّ أول من قال بهذه المقولة ، وهو
واصل بن عطاء ، ثمّ تابعه عمرو بن عبيد ، إذ كانا في مجلس الحسن البصري ،
فكلّماه في قولهما هذا ، فأمرهما باعتزال حلقة درسه فاعتزلا عند اُسطوانة
في المسجد وانضمّ إليهما جماعة فسمُّوا المعتزلة [١].
فكانت هذه هي النواة الاُولى لتكوين فرقة
« المعتزلة »..
وترقّى بهم الكلام في صعيد تقرير هذه المقولة
إلى قضية « العدال الإلهي » وأكثروا الكلام في تدعيمها وإبطال كلّ ما يقدح
ولو ظاهراً بالعدل الإلهي ، حتّى لُقِّبوا ب « العدلية ».. وكان العدل
الإلهي عندهم يدور حول صدق الوعد والوعيد ، فالله تعالى العادل لا يعذّب
المحسن ولا يكافئ المسيء ، ولا يخلف وعده في ثواب المحسن وعقوبة المسيء
وقبول التوبة ، ولا عفو بلا توبة لأن ذلك إخلاف للوعيد ، ولأجل ذلك أيضاً
نفوا الشفاعة.
وفي خضمّ النزاع الدائر بين الجبريّة والمفوّضة
اختار المعتزلة القول بالتفويض وجعلوه من أهم أركان العدل الإلهي ، فسمّوا لأجله بالقدَرية.
هذه الدائرة الواسعة من الكلام ، والتي شكّلت
أركاناً أساسية في عقيدة المعتزلة ، كان مصدرها الواقع الإسلامي والصراع (الفكري ـ السياسي) الدائر فيه.