نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 86
والإرجاء الذي قال به معاوية وعمرو بن العاص
ومن ناصر الدولة الاُموية هو الذي عرّفوه بالإرجاء الخالص أو « المحض » رغم
أنّ معاوية وأصحابه كانوا يعتقدون بالجبر أيضاً ، لكنّ هنا فريقين يقولان
بالإرجاء والجبر معاً أحدهما فريق السلطة الاُموية ، والآخر فريق ثائر على
السلطة ، فعرّفوا هذا بالجبري وذلك بالمحض تمييزاً بينهما [١].
إنما قال هؤلاء بالإرجاء ليبرّروا للسلطة
عَبَثها بأحكام الدين ، ولعبها بكتاب الله وسنّة نبيّه ، واستباحتها لحرمات
المؤمنين واستبدادها بحقوقهم ، فهم مع كلّ ذلك مؤمنون لا يضرّ بإيمانهم
شيء ، ولا ينقص في إيمانهم عمل ، وليس أحد في هذه الاُمّة بأزيد منهم
إيماناً !
وأصبح هذا القول في ظلّ السلطان ـ عقيدةً
، يُنظّر لها رجال تبنّوها ودافعوا عنها ، كان أبرزهم : يونس بن عون
النميري ، وعبيد المكتئب ، وغسّان الكوفي ، وأبو ثوبان المرجئ ، وبشر
المَريسي [٢].
وهؤلاء ـ القائلون بأنّه لا يضرّ مع الإيمان
ذنب ، والذين قالوا بإرجاء أمر مرتكب الكبيرة إلى الله تعالى ـ « هؤلاء
يتلاقون إلى حدٍّ كبير مع طائفة كبيرة من جمهور العلماء السنّيين ، بل إنّه
عند التمحيص يتبيّن أنّ آراءَهم هي آراء الجمهور » [٣]
! « وكانت آراؤهم تتّفق تماماً مع رجال البلاط الاُمويّ ومن يلوذ به ، بحيث
لا يستطيع أحد من الشيعيّين أو الخوارج أن يعيش بينهم ، في الوقت الذي
تمكّن فيه المسيحيون وغير هم من غير المسلمين أن ينالوا الحظوة لديهم
[١]الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية /
محمّد عمارة : ١٧٤.
[٢] اُنظر : الفرق بين الفِرق : ١٥١ ـ
١٥٣ ، الملل والنحل ١ : ١٢٥ ـ ١٢٨.
[٣]المذاهب الإسلامية / محمّد أبو زهرة
: ١٩٩ ، واُنظر : تاريخ الإسلام / حسن إبراهيم حسن ١ : ٤١٧.
نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 86