نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 72
والحقّ أنّنا لو تقدّمنا في عمق التاريخ
لوجدنا هذه المقولة قد تقدّمت عصر معاوية في ظهور سابق بها على لسان عمر بن الخطاب ، وهو يردّ علي ابن عباس تذكيره بإرادة رسول الله صلىاللهعليهوآله
في تنصيب عليّ لخلافته ، فيقول : وماذا كان ، إذا أراد رسول الله شيئاً غيره ؟!
وفي الحالين كان (نظام الغَلَبة) هو الباعث
إلى هذه المقولة !
ولقد حاول معاوية أن يجعل منبره منبراً لهذه
العقيدة ، لكنه اصطدم في أول محاولة له بعقلٍ حرّ أفسد عليه حيلته : خطب معاوية خطبةً قال فيها : إنّ الله تعالى يقول : (
وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ
مَّعْلُومٍ )[١] فعلامَ تلومونني إذا
قصّرتُ في إعطائكم ؟!
فقال له الأحنف بن قيس : إنّا والله ما نلومك
على ما في خزائن الله ، ولكن على ما أنزله لنا من خزائنه فجعلتَهُ أنتَ في خزائنك وحُلتَ بيننا وبينه ! [٢]
عندئذ أخذتْ هذه العقيدة تتمدّد وتنتشر بالسبل
الاُخرى وبدعم صريح من السلطة حتّى صار لها نفوذ واسع في وقت مبكّر جداً.
ـ قيل لابن عبّاس : إنّ هاهنا قوماً يزعمون
أنّهم أتوا ما أتوا من قِبل الله تعالى ، وأنّ اللًه أجبرهم على المعاصي !
فقال : لو أعلم أنّ هاهنا منهم أحداً لقبضتُ
على حلقه فعصرته حتّى تذهب روحه ، لا تقولوا أجبر اللهُ علي المعاصي ولا تقولوا لم يعلم الله ما العباد