نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 18
الإصلاح ، فوجدوا في الصوامع
والتكايا اُنساً في العبادة ينقذهم من كلّ اضطراب يبعثه في النفوس أزيز الدنيا وتناقضاتها.
بين التأصيل والتهجين :
إنّ النظرية الاُولى وإن بدت وكأنّ لها
شواهد من الواقع ، إلّا أنّها لم تكن موفّقة تماماً ؛ لأنّها جاوزت حدّ
الاعتدال أحياناً كثيرة ، إذ إنّ ما اعتمدته من شواهد واقعيّة هو في الغالب
لا يصلح دليلاً على ما قطعت به تلك النظرية من قول ، كما أنّه كثيراً ما
يكون من رصيد النظريه الثانية ، نظرية التأصيل.
ـ فإذا كانت السبئيّة [١]
والراوندية من آثار الديانات القديمة [٢]
، فإنّ مصيرهما هو النبذ والطرد من الدائرة العقلية الإسلامية..
ـ وإذا كان المعتزلة قد تأثّروا بالفلسفة
القديمة ، فهم لم يأخذوا عقائد اليونان والهنود والفرس ، وإنّما أخذوا
مناهج البحث والاستنباط , فتأثّروا مثلاً بالمنطق الأرسطي ، والمنطق لغة
نافعة في البحوث العقلية ، وليس هو لغة عقيدة ، أي أنّهم أخذوا آلة البحث ،
ولم يأخذوا سَيره ونتائجه.
ولكن كلّ هذا لا يعني انعدام التأثّر بالعقائد
الغريبة بالكامل ، وأظهر ما يكون هذا التأثّر لدي الفرق الغالية على وجه
الخصوص ، ومع هذا فالغلو ليس كلّه اقتباس ، بل لمّا كان الغلوّ هو منتهى
التطرّف الديني ، فقد يصيب الشذّاذ من كلّ ملّة دون أن يقتبس بعضهم من بعض.
ربما نرى في النقطة اللاحقة بعض آثار التأثّر
والاقتباس عند غير الغلاة..
[١] السبئيّة كما
يصورها المؤرّخون ليس لها حقيقة تثبت أمام التحقيق.