نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 10
شديد الوضوح إلىٰ
حدّ لا ينبغي التغافل عنه ، بل لا يتمّ التغافل عنه إلّا مع الخضوع لأدوات النزاع السالفة نفسها والتحزّب لها.
في تلك المرحلة أفرزت
هذه النزاعات العديد من الأحاديث الموضوعة لرمي طائفة من الناس بسمة ما ، تنفّر الآخرين منها ، وتقصيها عن دائرة الإسلام والتوحيد.
ولئن وضع الكثير من المحققين القدماء والمحدثين الأصابع علىٰ طائفة من هذه
الأحاديث ، إلّا أنها ما زالت هي الأكثر رواجاً في تصنيف عدد غير قليل من الطوائف الإسلامية ،
الأمر الذي يستدعي المزيد من التحقيق في إرجاع كلّ شيء إلى أصله.
ولعلّ من أكثر
القضايا وضوحاً ما نشهده من تسميات منفّرة للعديد من الفرق ، نقطع منذ
اللحظة الأولى أنها تسميات أطلقت من الخارج ، ولم تكن منتخبة من أصحابها
على الاطلاق.
فلا نستطيع أن نقبل
أن طائفة تنسب إلى الإسلام تطلق علىٰ نفسها اسم « الشيطانية » مثلاً , بل
حتى تسميات مثل : « المسجمة » و« المعطلة » و« الرافضة »
و« الخشبية » هي تسميات لا يمكن أن تكون مختارة , بل لا يمكن إلّا أن تكون
من وضع فئة قوية لها كلمة نافذة , استطاعت تعميم هذه التسميات لتكون مفروضة
على أصحابها. بل لنا أن نتوقّع أنه لو ترك الأمر لفرقة « المعتزلة » لما
اختاروا لأنفسهم هذه
التسمية وهم يعتقدون ـ كسائر الفرق ـ أنهم على الحق ، دون سواهم ، أو أنهم
على الأقل أقرب إلى الحق من سواهم ، فإذا علمنا من ناحية أخرىٰ أن
المؤرّخين يضعون ستة أسباب
لنشأة « المعتزلة » وحدها ، علمنا كم دخلت في هذا الموضوع من آراء واتجاهات
جديرة بالبحث
والتحقيق.
وهذه الدراسة التي
نقدّمها في هذا الكتاب ، بتقسيم جديد ، بعد أن كانت قد توزّعت على مباحث في
كتابنا « تاريخ الإسلام السياسي والثقافي ـ مسار الإسلام بعد الرسول ونشأة
المذاهب » ، تأخذ علىٰ عاتقها هذه المهمة ، على أمل أن تكون قد قدّمت
للقارئ أقرب الصور إلى الحقيقة في موضوع نشأة المذاهب والفرق وفي معالمها
الأساسية.
وما
توفيقي إلّا بالله ، عليه توكلت وإليه أُنيب.
نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 10