لقد عانى الأنبياء والمرسلون عليهمالسلام من إنكار أقوامهم
لعقيدة المعاد ، وتحمّلوا في هذا السبيل مصاعب جمّة وافتراءات باطلة (
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ
كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ )[٢]
هذا مع أن المعاد من أوضح ما قامت عليه الحجج من طريق الوحي والعقل حتى وصفه تعالى في مواضع من كتابه ( لَا رَيْبَ فِيهِ ) وما إحياء الطيور لإبراهيم عليهالسلام
وإحياء قتيل بني إسرائيل والعزير وأصحاب الكهف وغيرها إلّا أمثلة حية
قدمتها يد القدرة الإلهية في فترات متفاوتة لترسيخ عقيدة المعاد في أذهان
الناس ، وهي تدلّ على شدّة نكيرهم لهذه العقيدة الحقّة.
وإنكار المعاد عند اُولئك الأقوام لا
يقوم على شيءٍ من الدليل المطابق للواقع أو المؤيد بالبرهان ، بل يقوم على أساس الظنّ الذي لا يغني عن الحقّ شيئاً ، قال تعالى : (
وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا
يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ
إِلَّا يَظُنُّونَ )[٣] ويقوم على أساس الاستبعاد الذي لا
يعدّ شبهة وفق الموازين العلمية ، بل هو دليل على العجز عن فهم الحجة
وتأمّل البرهان للوصول إلى الحق ، والارتقاء