فالتأمل في خلق السماوات والأرض يقودنا
إلى الإيمان بعالم الآخرة ، ذلك لأنّ الذي خلق عوالم السماوات والأرض ـ بما
فيها من سعة الخلقة البديعة وعجيب النظام العام المتضمّن لما لا يُحصى من
الأنظمة الجزئية المدهشة للعقول والمحيرة للألباب ، والعالم الإنساني جزء
يسير منها ـ كيف لا يقدر أن يخلق الناس خلقاً جديداً في يوم القيامة ؟ وخلق
الإنسان في نفسه أسهل وأهون من خلق السماوات والأرض ، قال تعالى : (
لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )[٣] وقال تعالى : ( أَأَنتُمْ أَشَدُّ
خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا *
رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ... وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا )[٤].
وفي هذا السياق يأتي إبطال القرآن
الكريم ما تمسك به أهل الجاهلية في استبعادهم المعاد : (
وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا )
فردّهم سبحانه بتذكيرهم بالقدرة المطلقة (
قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ )[٥]
فأمرهم أمر تسخير أن