وعلى ضوء ما تقدّم ، فإنّ المراد بحياة
القبر في أكثر الأخبار هو النشأة الثانية للإنسان في عالم البرزخ ، والذي
تتعلّق فيه الروح ببدنها المثالي ، وبذلك يستقيم فهم جميع ماورد في آيات
وأخبار دالة على تجرّد الروح وعلى ثواب القبر وعذابه ، واتساعه وضيقه وحركة
الروح وطيرانها ، وزيارة الأموات لأهلهم وغيرها.
العلم
يؤيد وجود الجسد المثالي
: وتقرر تجارب علماء استحضار الأرواح حقيقة الأجسام المثالية ، حيث
يقول أشياع هذا المذهب : إن الموت في حدّ ذاته ليس إلّا انتقالاً من حال
مادي جسدي إلى حال مادي آخر ولكن أرقّ منه وألطف كثيراً ، وأنهم يعتقدون أن
للروح جسماً مادياً شفافاً لطيفاً ألطف من هذه المادة جداً ، ولذلك لا
تسري عليه قوانينها [٢].
هل إن ذلك من التناسخ الباطل
؟
وقد يتوهّم أن القول بتعلق الأرواح بعد
مفارقة أبدانها بأشباح اُخر هو ضرب من التناسخ الباطل ، وهو غير صحيح ،
لأنّ العمدة في نفي التناسخ ضرورة الدين وإجماع المسلمين ، وقد قال
بالأبدان المثالية كثير من المسلمين من المتكلمين والمحدثين ، ودلّت عليه
أخبار الأئمة الطاهرين عليهمالسلام ،
والتناسخية إنما كفروا بانكارهم المعاد والثواب والعقاب ، وقولهم بقدم
النفوس وتردّدها في أجسام هذا العالم ، وإنكارهم النشأة الاُخرى ، وإنكارهم
الصانع والأنبياء ، وسقوط التكاليف ، ونحو ذلك من